لم يسبق أن صار للمواطن العربي مثل هذا الاهتمام والشغف والمتابعة للانتخابات الأمريكية بمثل ما صار له خلال الانتخابات الأمريكية الأخيرة.. حين متابعته لها لمعرفة كنهها وتفاصيل مسيرتها مقارنة ما بين تلك الانتخابات وما حدث في بعض البلدان التي حاول البعض اعتبارها من نتائج ذلك الربيع المأزوم.. وإن لم يكن له من نتائج بعد أن صار التربص به من قبل تلك القوى التي طال عليها السبات وهي تنتظر السانحة والتي جاءت بفضله ولتكون الفرصة التي طال انتظارها والتي من خلالها يمكن الوصول لتلك الغاية والرغبة المتمثلة في القفز على السلطة والاستئثار بالحكم ومن ثم تمرير ما لتلك القوى من أجندات يكتنف الغموض جلّها.. وفي ظل ما كان من إجراءات أخذت لون وطابع الديمقراطية مما جعل المواطن أمام الأمر الواقع ولقرب المدى ما بين ما صار من تلك الانتخابات والانتخابات الأمريكية صار المواطن العربي في أشد حالاته شغفاً ومتابعة للانتخابات الأمريكية.. وإن كان في أشد حالاته ألماً وحسرة لما يراه من فرق شاسع ما بين سمات الرقي والتحضّر لتلك المظاهر المبهرة في الانتخابات الأمريكية وذلك المستوى من الوعي الراقي والوطنية المترسخة ما يدعو للمزيد من الإعجاب مثلما ذلك الأسلوب الراقي والحضاري فيما صار المتنافسان على الرئاسة والذي بدا في نهاية المطاف، حيث هنأ المهزوم المنتصر وأظهر المنتصر لمدى التعاون مع المهزوم في خدمة أمريكا.. فيما لا يرى المواطن العربي في بلاده وما جرى فيها من انتخابات غير العكس من ذلك، ولعل الذي أظهر شغفه ومتابعته للانتخابات الأمريكية قد أدرك الفرق مثلما أدرك مداءات فعل الجهل والفقر ونتائج العبودية التي طالما أذلت الأمة وأفقدتها بوصلة الاتجاه الصحيح.. مثلما الأمية أسباب متقاربة في الأثر والتأثير مما يسهل السبيل لمن غايتهم السلطة والوصول إليها من خلال اللعب بعواطف الناس واستغلال ضعفهم وجهلهم وجرهم إلى المجهول.. إن الديمقراطية لا تتحقق بالتقليد ولا بالقفز عليها ولا بشراء الأصوات بزهيد الثمن ولبلوغها لا بد من إمعان النظر والسعي لإيجاد التربة الصالحة للديمقراطية ومثل ذلك ما يحتاج إلى الجهد والجد والوقت والنيّات الصادقة والمخلصة.