فاصلة:
((بالاشتغال بالحدادة يصبح المرء حداداً))
- حكمة لاتينية -
للعلاقة الزوجية دورة كما دورة الحياة، من ولادة وطفولة وشباب، وقد تعمر حتى الوفاة، أو تموت إكلينيكياً إن صح التعبير.
في السابق كانت الحياة بسيطة؛ لذلك كانت مؤسسة الزواج تحمل البساطة ذاتها في بنائها وتشكيلها، أما اليوم فقد أصاب العلاقة التعقيد مثلما أصاب كل مناحي الحياة.
بالنسبة لجيل الشباب فلا خوف عليهم؛ إذ هم يعرفون ماذا يريدون، لكن فيما يبدو لم يكن التأثير إيجابياً في الجيل الذي فوجئ بالتقنية والتعقيد؛ لذلك ربما ارتفعت حدة المشاكل الزوجية والتفكك الأسري والطلاق بين زوجين لديهما أسرة وأطفال، أو ربما شباب.
الفضائيات وشبكة الإنترنت لم تقدم للرجال صور النساء الشهيرات الجميلات فقط بل قدمت للنساء أيضاً كيف يتعامل الرجال المشاهير مع النساء؛ فحين يبحث الرجل عن الجسد تبحث المرأة عن الرومانسية.
أيضاً ما كانت تقبل به النساء من تهميش أو عنف لفظي من قِبل أزواجهن لم يعد هناك مجال للقبول به بعد أن أدركت المرأة حقوقها المشروعة.
في هذا العصر المتسارع لا مجال للتقليدية في المؤسسة الزوجية من قِبل الزوج أو الزوجة، خاصة إذا سبق أحد الطرفين الآخر بإيقاع سريع في شخصيته وتطلعاته في الحياة.
فإذا كان الحوار مطلباً في الحياة الزوجية فقد تحول الآن إلى حاجة ملحَّة؛ حتى لا يفقد الطرفان جدوى المشاركة في هذه المؤسسة.
فكم من الأبواب المغلقة خلفها حكايات لعلاقة زوجية ماتت، وبقيت الجثث محنطة أمام الأطفال.
قبل أربعة أعوام اذكر أن وكيلة شؤون الطالبات بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتورة سامية بخاري أشارت في محاضرة لها في ملتقى (الأسرة التي نريد)، بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، إلى ارتفاع نسب الطلاق في الدول الخليجية إلى 38 % بسبب غياب الحوار بين الزوجَيْن.
الزواج لا يعني أجساداً تعيش تحت سقف واحد؛ إنه شراكة في كل شيء، مع الاحتفاظ بشيء من الخصوصية، لكن أن يكون كل من الزوجَيْن في واد، ويعيشان خدعة أنهما يعيشان من أجل الأبناء، فهذا هو التفكك الأسري الذي أول علاجاته الحوار الشفاف، والتفاهم من أجل تصحيح العلاقة، أو اتخاذ قرار بإنهائها بأسلوب حضاري أشك في وجوده إلا ما ندر.
الحياة تستحق أن نعيشها في سلام.
nahedsb@hotmail.com