في ديواني الأول (الغناء في صحراء الألم) الصادر في عام 1979م هنالك قصيدة قصيرة جاءت ضمن قصيدة عامة بعنوان: (تصريحات لطيور العصر) أتحدث فيها عن سلوك بعض الطير، ولدى الحديث عن الطاووس تحديداً قلت:
الطاووس الأحمق يحسب
أن الريش زهور تنمو في ضوء الأقمار
ولهذا يمشي مختالاً
يرسم جنات واسعة تنمو في فلك الأفكار
لكن ماتلبث أن تسقط
في بؤرة حلم منهار»
عرفت حجم الطاووس الحقيقي حين كنت مدعواً لمزرعة أحد الأصدقاء وكنا نمارس صيد الطيور من على الأشجار. وفي الصباح الباكر نهض الطاووس وفرد ريشه كمروحة يابانية كبيرة ثم (نبح) بصوت مشروخ وغير أليف إطلاقاً ولكنه مشى مختالاً يتبختر على سائر الطير وكان في الحقيقة منظره جميلاً بل وأخاذاً ويعطيه مساحة هائلة من الممر بحيث يظنه المشاهد أكبر من طائر الحبارى الذي يعشقه هواة القنص، وكان الاعتقاد السائر لدي أن لحم الطاووس لايقدمه إلا الأباطرة في احتفالاتهم الباذخة.
ولكنني بينما كنت اصطاد في مزرعة الصديق كنت أراقب حمامة برية اختفت بين الأعشاب وحالما سددت عليها تحرك طائر آخر ظننته هي فأطلقت عليه الرصاص وفجأة (نبح) الطاووس بصيحته العتيدة التي تشبه أسطوانة مشروخة لمطربة تافهة وبالطبع تأسفت كثيراً لهذا الخطأ وقمت وصاحبي بنتف الطاووس وكم هالني أنه لايعدو عن كونه أكبر قليلاً من الحمامة وأقل من الدجاجة وفوق ذلك وجدت لحمه نتناً.
ساعتها عرفت الحجم الحقيقي للطاووس ،بل ورائحته الحقيقية، وطعمه الرديء، ولم أتأسف بالطبع على الخطأ الذي كشف لي كل هذه الحقائق عن الطاووس.