تستمرئ الشعوب عامة الاحتفال والتهنئة بالمناسبات المختلفة، سواء بدخول سنة هجرية جديدة أو ميلادية، أو عند إقبال شهر رمضان، وفي كل عشر قادمة منه ثم عيد الفطر، ثم عشر ذي الحجة وعيد الأضحى، مروراً بأيام الميلاد البليدة وعيد الحب البارد.
وفي القرآن ذكرت السنون والأعوام قال تعالى {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا}، كما ربط الله الزمن بالوضع الاقتصادي وبالتحديد حينما طلب من الفتيان يوسف وهو مسجون تفسير رؤيا منامية {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا}، أي بتعب وإصرار وملازمة والحرص على عدم استهلاكها كلها، ثم وعدهم بالخير في قوله {ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرونَ} والغيث عادة يأتي بالخير ويعصر الناس المنتجات دلالة على الفائض والزيادة.
والواقع يفسر الآية الكريمة بما يسمى بالدورات الاقتصادية، ولهذا حينما يحل عام جديد يدعو الناس ربهم أن يكون عام خير وليست سنة قحط، والفرق بينهما أن العام يعني الخير والنماء والرخاء والسعد ورغد العيش، أما السنة فتعني الجدب والشدة وخمول الاقتصاد أو انهياره، ويؤكدها قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَرُونَ}، كما تدل السَنة على ضعف الحال والظلم والسجن {فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ}، ولم يقل أعواماً لعسرها.
وكذلك أشار لنوم أصحاب الكهف {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعا}، وزيادة التسع سنوات هي الفرق بين السنة القمرية والشمسية، حيث يكون الفرق بالزيادة سنة أو اثني عشر شهراً كل ثلاث وثلاثين سنة، وزيادة تسع سنوات قمرية لكل ثلاثمائة سنة شمسية، وهذا من الإبداع اللفظي في القرآن الكريم.
وحساب السنوات تختلف بين الشعوب، فحين تحسب معظم الشعوب أزمانها بالسنة الميلادية بأشهرها وأبراجها؛ تخالفها الشعوب الصينية وما حولها باعتمادها على السنة الصينية وأبراجها الغريبة، كما أن إيران تعتمد السنة الشمسية وتربطها بهجرة الرسول عليه الصلاة والسلام، بينما تقوم أنظمة المملكة العربية السعودية الرسمية على التاريخ الهجري القمري عدا الاحتفال باليوم الوطني الذي يعتمد على الهجري الشمسي وحُدِّد بأول يوم من برج الميزان الذي يوافق 23 سبتمبر ميلادي وهو تاريخ ثابت، وكذلك موازنة الدولة في أول برج الجدي حسب السنة الشمسية. بينما تركت للشركات والمؤسسات الخاصة والمصارف التعامل مع التاريخ الميلادي في ميزانياتها وصرف رواتب موظفيها.
والواقع أن الاعتماد على التاريخ الميلادي أكثر دقة وثباتاً، حيث يمكن معرفة أشهر الصيف والشتاء وبقية الفصول لثباتها، بينما أشهر السنة الهجرية تختلف مواقعها وتتغير سنوياً، ولم يؤثَر عن الرسول صلى الله عليه وسلم اعتماده على السنة القمرية إلا في الصوم والحج، ولم يحدد التقويم بهجرته، فلم يقر التقويم الهجري رسمياً إلا في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
اللهم جنبنا قسوة السنين، واجعل مجموع أيامكم أعواماً زاخرة بالخير.
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny