“عبدالرحمن” طالب سعودي يدرس لغة إنجليزية في كندا، بعث لي على بريدي الإلكتروني رسالة يقول فيها: “أنا أعاني من نظرة الغرب لنا بسبب الفكرة الرائجة عن تهميش مجتمعنا للمرأة، وهذا الإحراج لا يواجهني في المعهد فقط بل حتى عندما أذهب إلى التسوق أو الحلاق أو الطبيب، نفس الأسئلة يرددونها عليّ بعد أن يعلموا بجنسيتي!”، ويكمل عبدالرحمن في رسالته مشيراً إلى معلمته في المعهد التي قالت له: “لو كنت مسلمة سأشعر أنني مهمشة وليس لي رأي”.. ما قلته في ردي لعبدالرحمن، وأقوله هنا مجدداً أن الدين الإسلامي هو دين المساواة، وأن الصورة السلبية التي ظهرت للمجتمعات الغربية عن ديننا هي مسؤولية أشخاص، للأسف أنهم أساءوا للدين وللمرأة وللإنسانية، وظهروا وكأنهم متحدثون باسم الإسلام، بخطاب يقلل من مكانة المرأة، ويزدريها ويهينها!”، وأكملت في رسالتي قائلة: “لذا دوري ودورك يا عبدالرحمن وكل إنسان يخاف على هذا الدين الجميل، ويريد إظهار صورته الحقيقية للجميع وليس للغرب فقط، أن لا نصمت ولا نقف مكتوفي الأيدي أمام من يسيء للإسلام، من داخله قبل المسيء له من خارجه”.
المحادثة أعلاه، نقلتها لأجل موضوع يتكرر كثيراً، وطرحت وزميلات وزملاء العديد من المقالات والرؤى حول الإسلام والمرأة ونظرة الغرب، وغيره من العناوين التي لا زالت شائكة في مجتمعاتنا الإسلامية، مما أفرز لنا إساءات تلو الأخرى، إساءات من داخل المنتمين للدين، بالكذب على لسانه والاجتهاد في تفسيرات تميل إلى التشدد غير المقبول، والذي لا يمكن أن يتماشى مع الوقت الحاضر، بكل متغيراته السياسية والاجتماعية والمعلوماتية والتكنولوجية، وغيرهم. وهذا ما ظهر نتيجته الإساءات التي طالت ديننا ورموزه، فإذا أتى مثل هؤلاء وأساءوا لنا فبسبب بعض المفاهيم الخاطئة عن الإسلام والتي لم تجد من يصححها للمسلمين أولاً، ومن ثم للعالم. لذا فإن الدفاع عن الدين من -بعض- من ينتسب له، خطوة أولى لتعديل كثيراً من المفاهيم في الداخل والخارج.
وهنا، ونحن أمام حالة مستمرة، أعتقد من الضروري إقامة برامج وطنية توعوية، تشترك فيها المؤسسات الحقوقية مع جهات شرعية منفتحة ومنطقية وبعيدة عن التشدد، تعمل هذه البرامج على إيضاح حقوق المرأة في الإسلام، مع إظهار معاهدة القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) التي وقعت عليها المملكة في عام 2000م، وإيضاح هذه المعاهدة التي صارت للأسف “سيئة السمعة” بسبب متشددون يريدون عزل المملكة عن المجتمع الدولي، وإيضاح آلية تطبيق هذه المعاهدة على أرض الواقع عبر الأنظمة والقوانين والمؤسساتية، وأن يكون من الحضور النشطاء الذين لم يألوا جهداً في تشويه هذه المعاهدة الدولية، ومناقشتهم للخروج بوجهات نظر أقرب للواقع، وهذا الأمر بالذات انتظرته منذ سنوات طويلة أن يتم عبر مركز الحوار الوطني. أضف إلى هذا تواجد ممثلين من وزارة الخارجية لتوضيح فكرة وجود المملكة ضمن المجتمع الدولي في الأمم المتحدة، والذي لاحظت أنه مفهوم غائب ليس عن الناس العاديين فحسب، بل عن نخب فكرية وأشخاص يسبق أسماءهم حرف الدال، هذا الحرف الذي صرنا لا نعرف صاحبه الحقيقي من المزيف بعد جهود ظهرت مؤخرا لفضح مرضى الشهادات!
www.salmogren.net