بعد أن انتهيت من كتابة مقال الأمس عن ضرورة توظيف التقنية الحديثة في مجالات أعمالنا الإدارية ذات الطابع الرقابي مثل مراكز إيواء ذوي الاحتياجات الخاصة، بدأت بتصفُّح الأخبار المحلية، وكان من أبرزها إطلاق وزارة العدل المرحلة الأولى من مشروع تتبُّع الخصوم الممتنعين عن حضور جلسات التقاضي شملت جميع مناطق المملكة، عبر تزويدها بـ284 مركبة تابعة للوزارة بأجهزة تقنية للتعقُّب، تم إنهاء 200 مركبة حتى الآن موزّعة على مناطق المملكة. وستتمكّن المركبات المزوّدة بهذه الخاصية من تتبُّع موقع الخصم عبر الإحداثيات الهندسية التي توفِّرها لصحائف الدعوة لجنة هندسية مختصّة, بحيث تمكِّن العاملين في أقسام محضري الخصوم من تحديد موقع الخصم عبر الأقمار الصناعية وتسليمه طلب الحضور للمحكمة.
هذا هو تماماً ما نقصده، حينما نتحدث عن الأجهزة المتوفّرة لدينا، والتي لا يتم استخدام خصائصها بالشكل الذي ينهي أو يقلّل من إشكالاتنا اليومية. فعلى الرغم من توفُّر أحدث التقنيات في دوائرنا، إلاّ أنها لا تزال تتخبّط وسط الأختام الحبرية وأرقام المعاملات اليدوية. وكم كنت أتمنى لو أنّ وزارة العدل بخطوتها الرائدة تلك، أضافت خدمة الاتصال المرئي، بين القاضي وبين المتهرِّب من المحاكمة. وبذلك نضيف إلى خدمة تحديد موقعه، خدمة الاستماع لأقواله. ونكون بذلك قد أنهينا واحدة من أشد المعاناة التي تعانيها المواطنات والمواطنون، جرّاء تهرُّب خصومهم.