|
حزنت حزناً شديداً وأصابني اكتئاب رياضي بعد ما شاهدته في مباراة المنتخب السعودي مع نظيره الأرجنتيني، لأن هذه المباراة كشفت خللا تربويا واضحا لدى شبابنا، وللأسف أقولها بكل صراحة.. فلقد خجلت لما شاهدته من مناظر سيئة لاتليق بشباب هذا الوطن ومنها الاندفاع الشديد لاستقبال ومشاهدة والتصوير مع الأخ (ميسي) وغيره من اللاعبين الارجنتينيين وكأنهم نجوم هبطت من السماء لأول مرة تشاهد على الأرض بينما أمثال هؤلاء اللاعبين عندما يصلون إلى أي بلد غربي أو أوروبي يراهم الجمهور أشخاصا عاديين جدا... ولا يقوم بمثل ما قام به شبابنا في مطار الرياض ثم الأدهى والأمر والمحزن تشجيع هؤلاء الشباب لأفراد المنتخب الأرجنتيني وكأنه منتخب بلدهم ونسوا أبناء الوطن الذين يمثلون الوطن، ويحملون شعاره.. فأدركت وغيري أدرك أن هنالك خللا في فهم الرياضة وما تعنيه وخللا في سلوكيات بعض شبابنا أقول بعضهم وليس الكل.. وما أخشاه أن يستمر هذا السلوك ويجد طريقا له مما قد يسبب فسادا عاما لمفهوم الرياضة والتشجيع والتنافس الشريف وأن تصبح الرياضة مجالا للتحزب والميول والتعصب، ويذهب أبناؤنا ضحية الإعلام الرياضي التائه والمريض، وكذلك متابعة مشاهير الرياضة وكأنهم نجوم السماء وليس الأرض، وهم لايدركون أن غالبيتهم لايجيد كتابة اسمه ولايملك نصف صفحة من المعرفة والثقافة وإنما خدمتهم أقدامهم أي (حظوظهم في رجولهم) كما يقول المثل الشعبي الذي أريد أن أصل إليه أن ننتبه لما يفيدنا في المجال الرياضي ويكون تشجيعنا واقعيا بروح رياضية، بعيدا عن الغوغائية والسذاجة والاندفاع والميول والتعصب، فتلك ليست من أخلاق الرياضة، ولا من ينتمي إليها، ثم يجب أن نصون الانتماء ونحمله في القلوب والعقول، ونعلم جيداً أن الوطن فوق كل شيء، وعندما نعمل باسم الوطن فباقي الأمور تذهب وترحل ويبقى الوطن وحده أمامنا وعلى أولياء الأمور أن يعيدوا تفكيرهم وينتبهوا لمثل هذا السلوك الذي رأيناه في الأسابيع الماضية.. علينا أن نقوم بتوعية أبنائنا وإرشادهم حتى لايضيعون في متاهات الشهرة المزّيفة، ويشربون من قواقع المرض الذي يطفو في ساحة كرة القدم وغيرها.. وأن يذكروهم بأن الوطن فوق كل اعتبار والانتماء يكون بالأفعال، لا بالأقوال.. وليعلم الجميع أننا في بلد إسلامي له تقاليده وأعرافه المستمدة كلها من الشريعة الإسلامية ولايجب أن نخرج عن هذا الإطار فلدينا مساحة بديننا واسعة وكثيرة للتويح عن النفس وممارسة الرياضة، ولكن بأسلوب وطريقة شريفة وكريمة بعيدة عن الغوغائية والتعصب والميول غير الضروري وأن يكون لدينا وعي رياضي بما نفعل وما نقوم به من أعمال، وان تكون الأخلاق التربوية الإسلامية هي طريقنا وأسلوبنا ومنهجنا في التعامل مع أي حدث رياضي من أي نوع كان، ثم يجب على إعلامنا الرياضي أن يتنبه لما ارتكبه من أخطاء تزيد الطين بلّة، وأكبر هذه الأخطاء أن جعل من (كرة القدم) كل شيء في رياضتنا وتناسى عشرات الألعاب الرياضية المهمة والمشرّفة.. لذلك أصبح إعلامنا الرياضي إعلام كرة قدم فقط، وليته جمّلها ولكنه أفسدها بالميول والتحيز والتراشق الإعلامي واستغلال القنوات الرياضية والصحافة الرياضية لمن هبّ ودب، ليفتينا في فلسفة الرياضة وكرة القدم، ولدي اقتراح أقدمه للأندية لكي توفر الكثير من النقود في جذب المدربين وتحويلها للضباط العسكريين المتقاعدين الذين كانوا يعملون في أقسام الخطط والعمليات وسترون أنهم أفضل بكثير من المدربين الذين يكلفون الملايين وهم لايسوون الملاليم، حيث إن الضباط أساتذة التكتيك ومن يعرف أساليب الدفاع والهجوم ونصب مصايد التسلل وتقدير الموقف والهجوم من العمق ومن الأطراف واستغلال الثغرات، والهجوم المعاكس، والارتداد للخلف والانسحاب إلى الخلف وكيفية المباغتة الهجومية، والخداع التكتيكي، وغير ذلك من الأساليب التكتيكية أو التعبوية التي درسوها عن علم وليس كما هو الحال في مدربي كرة القدم الذين لايملكون مثل هذه الإمكانات ولا احد يستغرب كلامي هذا، فالتجربة اكبر برهان وعلى الأندية أن تجرب نصيحتي وسترون النتائج وهي استشارة من غير فلوس ولا تعب مع مكتب تعاقدات واستشارات دولي، ونسأل الله أن يهدي شبابنا ويصلح قلوبهم وعقولهم ويجعلهم لبنات صالحة لأمتهم ووطنهم ويعزز الانتماء في أفكارهم وقلوبهم لأنهم ذخيرة المستقبل وهم عتاد الوطن وزاده وزناده، والله الهادي إلى سواء السبيل..
عقيد (م)/ محمد بن فراج الشهري - alfrrajmf@hotmail.com