الإعلان الدستوري الذي فاجأ به الرئيس محمد مرسي شعبه الخميس الماضي، إذا ما أردنا أن نقيمه، فإننا نقيمه من خلال نتائجه وليس من خلال الرئيس أو الحزب أو الشعب أو المعارضة، النتائج تشير إلى عاصفة احتجاج صاخبة على مستوى الشعب والأحزاب وإلى تحفظ دولي عريض وإلى كون الإعلان صادما لشباب الثورة في مصر.
هذا بحد ذاته كفيل بأن يراجع الرئيس مرسي قراراته ويعيد النظر فيها، فإعلانه الدستوري سواء جاء بمبادرة منه شخصيا أو بمبادرة من مستشاريه يظل قرارا بمواصفات (القنبلة) التي تغير معالم المكان وتحيله إلى فوضى، والتحدي أو العناد أو المجابهة سلوك أقل ما يقال عنه أنه بعيد عن سلوك (الدبلوماسي) الذي يستطيع أن يحول السلبيات إلى إيجابيات وأن يخرج الناس من مكتبه راضون كل الرضا حتى لو لم يوف بمطالبتهم.
إشكالية الإعلان الجوهرية تكمن في كونه قرارا (حزبيا) أكثر من كونه قرارا (وطنيا)، وهذا الأمر فهمته الأحزاب السياسية كما هو من دون تأويل أو تفسير أو شرح ما جعلها تتكتل على شكل حكومة (إنقاذ وطني) لأنهم يعرفون أنهم أصبحوا أحزابا صورية وتحديدا عندما تم تحييد السلطة القضائية.
بعد انتهاء (شهر عسل الثورة) والذي بدا فيه مرسي رجلا لطيفا دمثا مبتسما لا يضع على صدره سترة تقي من الرصاص ويصلي مع الجموع في ميدان التحرير، ها هو الآن يعيش عراكا سياسيا مع المعارضة يحرسه الجنود من كل جانب ولا يستطيع الصلاة في ميدان التحرير مع الجموع.
من انقلب على من؟ هل انقلب مرسي على المعارضة أم انقلبت المعارضة عليه؟ في تقديري ليس هذا هو السؤال، السؤال: هل يملك حزب الإخوان الحاكم رجلا رشيدا/ بارعا في العلاقات العامة؟ هل يملكون رجلا رشيدا/ دبلوماسيا يمتص عاصفة الاحتقان الشعبي؟ هل لديهم رجل رشيد يعرف سيكولوجية الجماهير؟ هل لديهم رجل يعرف سياسة الكل يكسب؟ هل لديهم رجل رشيد ذو كياسة يعرف التوقيت المناسب لاتخاذ القرارات؟ هل لديهم رجل رشيد ماهر في التعامل مع الأزمات؟ هل لديهم رشيد يعرف ماذا يعني (القرار القنبلة)؟؟
nlp1975@gmail.com