وجدت نفسي أصعد الدرج وأنزل سريعا وما ألبث أن أصعد مرة أخرى، في رحلة مجدولة دون هدف! وعندما لاحظت ابنتي ذلك التصرف سألتني عما يشغل بالي، وكأنها بسؤالها قد شاركتني الهم ّ، فأوقفت شلال التفكير وأراحت جسدي من التعب ونفسي من النصب حين أبلغتها بإصابة فوزية الحصان بسرطان الثدي!
ولم أكن بحاجة للتخفيف علي من فجيعة الخبر، فما منحه الله لنا من إيمان كفيل بالاسترجاع والرضا بالقدر، ولكن الرحمة التي أوجدها الرحمن في قلوبنا تجعلنا نضعف ونبكي على مصاب أحبائنا، ونشعر بمصابهم.
ولم تكن الغالية فوزية بعوز للدعم النفسي والمؤازرة، حيث انقلب الدور الوعظي بيننا فصارت تهدْئ من روعي وتسكِّـن فزعي، وتحمد الله وتشكره على ما وهبها من نعم، وما منحها من عطايا، وهي وإن كان مصابها كبيراً؛ إلا أنها ترى أن المصيبة في الدين والعقل، أما الجسد فله طب وعلاج ودواء.
ولا أحسبكم تجهلون لحظات الشك والاشتباه بهذا المرض الخبيث التي يعقبها اليقين ومن ثم الرضا والقبول بل والإذعان لما قدّره العزيز الحكيم، ولا أخالكم تنكرون قسوة ساعات الوحدة والانقطاع والصدود عن مقابلة الناس والرغبة الملحَّة باللجوء إلى الله والتبتل في الصلاة والدعاء. ولم تطل الغالية الوقت في التحسر والتفكير، حيث قررت سرعة إجراء عملية استئصال للورم، وبها ودّعت جزءا من جسدها ولم تودع ابتسامتها، ولم تفقد إيمانها، ولم تجزع، بل خرجت حامدة شاكرة ربها، ممتنة لبلدها الكريم الذي هيأ لها العلاج بمستشفى مكتمل الإمكانيات، متكامل الخدمات، برعاية أطباء وطنيين على مستوى راقِ من التعامل الإنساني والمهارة في الأداء.
دخلتْ غرفة العمليات وهي تعيش لحظات خوف من الفريق الطبي الوطني الذي سيجري لها العملية، ولكنها خرجت وهي تلهج بالشكر والدعاء لهم وبالخصوص الطبيب السعودي الجراح فهد العبيدي الذي تفخر به بلادنا، حيث يعمل جراحا بمدينة الملك عبد العزيز الطبية للحرس الوطني بالرياض وباحثا ومحاضرا في معهد أبحاث السرطان بجامعة لويس باستور بمدينة ستراسبورغ بفرنسا. وقد نجح د- فهد باستئصال قولون سيدة فرنسية مصابة بالسرطان باستخدام تقنية مناظير الجهاز الهضمي تتيح الوصول إلى تجويف البطن دون الحاجة لإجراء أي فتحات جراحية فيه. ويعد ذلك إنجازا طبيا غير مسبوق في فرنسا، وقد قدمه باسم المملكة، مما يدعو حقا للفخر والغبطة بما يحققه الأطباء من شبابنا الوطني من أعمال طبية جليلة.
وفي الوقت الذي أحمد الله على سلامة الغالية؛ لأرجو من كل سيدة تجاوزت الثلاثين من عمرها أن تبادر بفحص الثدي بشكل دوري ليمكن علاجه قبل استفحاله وانتشاره في بقية الجسد.
اللهم احفظ كل الفوزيات من جميع الأمراض، واشف جميع السيدات من كل الأسقام، وامنحهن الصحة والعافية وراحة البال..
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny