إن توثيق ورصد تعامل وتعاطي المرأة السعودية مع وسائل الإعلام الحديث والصحافة المكتوبة والروايات الأدبية، ومكانة الكاتبة السعودية بين كتاب الرأي، ومدى قدرتها في إدماج قضايا المجتمع المحلي جزء أصيل من عملية تقويم الذات التي يجب أن يُنظر لها بمنهج علمي وسلوك طريق التحري الإيجابي من حيث رصد العناصر الإيجابية والبناء عليها، هذه تشكل ركائز عمل أساسية ومحورية في التعامل مع قضايا المرأة بشكل عام وباللزوم المرأة السعودية كجزء من المنطقة العربية.
هذه المقدمة أسوقها لتوضيح فكرة “المرأة الكاتبة وقضايا المجتمع في عصر الإعلام الجديد”.. هذا كان عنوان الحلقة النقاشية التي شاركت فيها ضمن كوكبة إعلامية نسائية، بإدارة الأكاديمية الإعلامية الدكتورة إلهام البابطين، ضمن فعاليات منتدى الإعلام السادس، يوم الثلاثاء الفائت.
وضمن محور “دور مقالات الرأي المكتوبة بأقلام نسائية في عصر الإعلام الجديد” تحدثت بشكل عام عن مقالات الرأي، فأنا لا أميل مطلقا إلى التصنيف الجنسي، إلا في حالة تتبع أو دراسة حالة معينة، وقد استندت في هذه الورقة على عملي الأكاديمي الذي أعمل عليه منذ عدة سنوات في السياق ذاته، ومن خلال صحيفة تحليل المحتوى التي لم تنضج بشكل كامل، إلا أنه بناء على ما وجدته في البحث الأكاديمي، ومن خلال ممارسة العمل الصحافي، فقد لفت نظري أنه برغم امتلاك المرأة الكاتبة لمساحات جيدة من زوايا مقالات الرأي بالصحف، إلا أنه لا يوجد كاتبة سعودية “منتظمة” تكتب بالصفحة الأخيرة في أي صحيفة، عدا تجارب أتت مؤخرا لا تزيد عن أصابع اليد الواحدة، كذلك الأمر نفسه بخصوص الكتابة اليومية وتخصيص عامود يومي للمرأة الكاتبة. ولأنني على ثقة من وجود عشرات الأقلام المؤهلة لهذه الزوايا التي لا زالت حكرا على الرجال، إلا أن السبب مرده إلى الفكر الذكوري المستشري، والذي بعض منه أخذ وجود المرأة من باب الموضة أو الإكسسوار المكمل للصحيفة، أو حتى لا يكون هناك صحف أفضل في استكتاب المرأة!
المرأة الكاتبة هي جزء من منظومة مجتمعية كاملة، ومتغيرات دولية وعربية هي مؤثرات بعضها مباشر وبعضها غير مباشر، إلا أنها مرتبطة بطبيعة الفكر العربي ذاته في مسألة تبني حقوق المرأة حيث بقي هذا الفكر أسير تناقضات العقل والإيمان، والقديم والمحدث، والشرق والغرب والدين والقومية، الأمر الذي جعله يدخل في مرحلة التأزم مع نفسه والوقوف حائراً من تناول هذه القضايا، وقد اتخذ -البعض- موقفا سلبياً من قضايا حقوق المرأة وانغلق على نفسه واعتبرها من الغزو الفكري ومن قبيل أفكار العولمة المشبوهة أو ما يسمى بـ”التغريب” وعدم تقبل أي فكرة من هذا القبيل، وبدأت هذه المجتمعات الدخول في تناقضات جذرية، ونحن كمجتمع سعودي لا يمكن أن ننفصل عن المجتمعات المحيطة بنا ولا المؤثرات ولا المتغيرات فدخلنا في نفس الأزمة!
وتأثر المرأة الكاتبة بالصحافة، أو عدم حصولها على القيمة أو المساحة أو موقع الزاوية بما يتوازى مع ما تقدمه من فكر ورأي وأطروحات، فهو لا يخرج عما سبق ذكره، وهو نتيجة طبيعية لمرحلة التأزيم!
www.salmogren.net