|
العلا - موفد الجزيرة - ياسر الجلاجل:
نظمت وزارة الخارجية رحلة لمحافظة العلا بالتنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار, لأكثر من 130 سفيرا ودبلوماسيا وعائلاتهم, من دول عربية وإسلامية وآسيوية بالإضافة لسفراء ودبلوماسيين غربيين وأوربيين وأمريكا الجنوبية والدول الأسكندنافية ممثلين لدولهم في المملكة, صباح يوم الخميس الماضي حتى مساء الجمعة, والتي اشتملت على المواقع الأثرية والتاريخية في محافظة العلا.
وكان برفقة البعثة الدبلوماسية وفد من وزارة الخارجية برئاسة وكيل الوزارة لشؤون المراسم سعادة السفير علاء الدين العسكري وبمشاركة المستشار علي المسعود مدير إدارة العلاقات العامة بالوزارة, وعدد من موظفي إدارة العلاقات العامة, وكانت الرحلة بدأت من مطار الملك خالد الدولي بطائرة خاصة إلى مطار الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز بمحافظة العلا , حيث كان في استقبال البعثة عدد من قيادات المحافظة .
فيما بدأت الرحلة بزيارة للقرية التراثية بمحافظة العلا وتجول الوفد في القرية التراثية التي يعود تاريخها لأكثر من 80 سنة وأكثر واستمعوا إلى شرحا مفصل عن الحرف اليدوية المستخدمة قديماً كصناعة الخوص، وطريقة صنع الحبال من ليف النخيل، وصناعة مرازيب تصريف الأمطار من جذوع الأشجار والنخيل. واطلع الدبلوماسيون على الأدوات المستخدمة للزراعة قديماً والملبوسات القديمة لأهالي المحافظة، مبدياً إعجابهم بالقرية وما شاهدوه من تراث شعبي وطرازعمراني قديم يحكي التاريخ العريق.
وشاهد الوفد عدداً من منتجات الأسر المنتجة بمحافظة العلا كالطشاش، وملفوف الكرومب، والقرصان.
وبعدها زار الوفد قلعة موسى بن نصير القريبة من القريبة التراثية والتي تعود للقرن السبع الهجري وهي أحدى ثلاث مدن إسلامية في العالم باقية من القرن السابع الهجري تمثل المدنية الإسلامية القديمة حسب تصنيف علماء الأثار, وقد أسمتمع الوفد الدبلوماسي كثيراً بهذه القلعة وتوقفوا فيها كثير لمشاهدتها والتصوير فيها والتي تمثل أهم الأثار التاريخة للمملكة في محافظة العلا .
وعند الساعة الثالثة ظهراً اتجه الوفد إلى الفندق لأخذ قسط من الراحة وتناول وجبة الغداء حتى الساعة الرابعة والنصف, ثم أتجه الوفد إلى موقع حرة عويرض المرتفع عن سطح البحر بـ «3000» متر والتي تكشف من خلالها محافظ العلا والهجر التابعة لها واستمتع الوفد كثيراً بهذا المنظر وغروب الشمس فيها مؤكدين بأن المملكة تتملك الكثير من المقومات السياحية المذهلة والجميلة , بعدها انتقل الوفد إلى متحف محافظة العلا وتجولوا فيه وما يحتويه من آثار قديمة بالإضافة إلى صور تحكي واقع المنطقة وتاريخها وجهود المؤسس الملك عبدالعزيز المغفور له بإذن الله ومن بعده أبناؤه .
وكانت الوزارة بالتنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار قد نظموا حفل شعبية في الفندق تحكي واقع المنطقة الثقافي حيث استمتع الوفد كثيراً وشاركوا في الحفلة ولبسوا « الشماغ السعودي « وقاموا بأداء وصلات فلكلورية شعبية مع الفرقة مبدين إعجابهم بحسن التنظيم.
وفي الساعة الثامنة صباحاً زار الوفد الدبلوماسي السكة الحديدية متحف سكة حديد الحجاز ومحطات القطار القديمة بالمتحف، الذي يتكون من خرائط تحوي صوراً للمحطات، حيث إن هناك 16 محطة بين تبوك والعلا و 16 محطة أخرى بين العلا والمدينة المنورة، إلى جانب القطع الأثرية المستعادة والمرممة الخاصة بالسكة ، كقبعة قائد القطار والجرس والفانوس وساعة قائد القطار والقطع النقدية المستعملة في ذلك الوقت.
وشاهد الوفد الذي يضم أكثر من مائة سفير وقائم بالأعمال وقنصل متحف طريق الحج الشامي، الذي يحتوي على مسار طريق الحج الشامي الرئيسي ( التبوكية ) الذي لم يتغير مساره في جزئه الواقع بين تبوك والعلا طوال العصور الإسلامية ، كما يحتوي على طريق الحج الشامي في عصر الخلفاء الراشدين والعصر الأموي، إلى جانب احتوائه على غرفة لكتابات الحجاج على الطريق في عصر الخلفاء الراشدين والعصر الأموي، وغرفة توضح طريقة تنظيم قوافل الحجاج على طريق الحج الشامي، وغرفة طريق الحج الشامي في العصر العثماني والعصر الأيوبي والمملوكي، وبئر الناقة.
وتجول الوفد في الديوان الذي يحتوي على نقوش كوفية للقاسم بن عمرو بن بكار، وأحمد بن عمر بن بكار.
عقب ذلك انتقل الوفد إلى قصر البنت الذي يعد نموذجا للمدافن النبطية الكاملة، حيث نحتت هذه المدافن نحتا بارزا تعلوها شرفات مدرجة بأسفلها كورنيش ثم شريط فاصل ثم كورنيش آخر وأسفله عارضة ويحمل كل ذلك عمودان تيجانهما نبطية، مما توحي بعض المدافن إلى أن هناك مدافن مزخرفة وهي للأثرياء ومدافن بسيطة للفقراء في ذلك العصر.
وبعد ذالك أنطلق الوفد إلى مدائن صالح والتي ترجع لأكثر من «2250» سنة بحسب علماء الآثار واطلعوا على القبور الموجود هناك والتي ترجع للأنباط ما بعد قوم صالح, واستمع الوفد لشرح مفصل عن المنطقة وتاريخا وكيف كانوا يعيشون, إضافة إلى آخر ما توصل إليه علماء الآثار والذين أكدوا أن هذه الجبال المنحوته هي قبور للأنباط, ويعتقد أن المدنية التي سكنوا فيها والتي تم اكتشافها منذ قريبة عن طريق العلماء والأشعة والتي تقع بين سلسلة الجبال والتي تشكل محجر على هذه المدنية والتي يعتقد أنه يقطنها أكثر من «2000» نسمة.
من جهة أخرى التقى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار مساء اليوم الوفد الدبلوماسي الذي يزور محافظة العلا ومدائن صالح حالياً.
وأوضح الأمير سلطان بن سلمان في تصريح صحفي عقب اللقاء أن مدائن صالح من أهم مواقع التراث العالمي، مفيداً أن الهيئة العامة للسياحة والآثار تجد نفسها متأخرة في تطوير هذه المواقع.
وأبان سموه أن الدولة لا تألو جهداً في سبيل تسهيل كل ما يساعد الهيئة في الحفاظ على تراث وثقافة المملكة، متوقعا أن يعود استثمار مدائن صالح سياحياً على المملكة بعدة فوائد كاستغلال الكوادر الوطنية المؤهلة عبر إتاحة فرص عمل لهذه الكوادر.
وأرجع سموه زيارة السياح القليلة للمدائن لضعف قطاع الإيواء في محافظة العلا، مبينا أن خطة هيئة السياحة والآثار هي الربط بين مدائن صالح والساحل البحري في منطقة تبوك ومحافظة تيماء.
وقال : «إن حكومة خادم الحرمين الشريفين أقرت مؤخراً موقعين سياحيين جديدين لتسجيلهما في اليونسكو وهما «جدة التاريخية ، والرسوم الصخرية في منطقة حائل»، موضحاً أنه سحب الملف السابق لموقع « جدة التاريخية « من اليونسكو لعدم جاهزية الملف واكتماله وأنه أعدّ ملفا جديدا لموقع « جدة التاريخية « لتقديمه بشكل يليق بتاريخ الموقع وبمكانة المملكة دولياً بالتعاون مع إمارة منطقة مكة المكرمة، وأمانة منطقة مكة المكرمة ، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد .
وأعرب سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار عن تمنياته بأن تقدم المملكة لليونسكو موقعاً طبيعياً ، وكذلك العرضة السعودية على أنها تراث شعبي لا مادي، حاثاً المواطنين على الاعتزاز بما تملكه المملكة من تراث وآثار وأن يحافظوا عليها لعكس ما تزخر به المملكة من تراث عريق .
وأفاد سموه أن الهيئة العامة للسياحة والآثار تدير حالياً 76 اتفاقية شراكة مع عدد من الجهات الحكومية للحفاظ على التراث والآثار، مؤكدا أن إنشاء شركة تنمية سياحية وطنية وصندوق لتمويل السياحة الوطنية أصبح ضرورة حتمية على غرار الصناديق والشركات الوطنية القائمة.
وبين سموه أن السياحة الداخلية أصبحت حقا مكتسبا لكل مواطن، وعلى هيئة السياحة أن تقدمها وليس أي قطاع آخر.
وأكد سموه بأن قطاع السياحة يجب أن يدعم بشكل أكبر من خلال أنشاء صندوق للدعم المشاريع السياحية, مثل تكل الصناديق التي تشئ لدعم باقي قطاعات الأستثمار في المملكة مثل الصناعي والتجاري وغيرها.
حضر اللقاء وكيل وزارة الخارجية لشؤون المراسم السفير علاء الدين العسكري، وعدد من المسؤولين.
وفي ختام الرحلة أعدت الوزارة مع الهيئة العامة للسياحة رحلة إلى برية في المحافظة بمحمية شرعان والتي عكست واقع التراثي القديم للمملكة من خلال « بيوت الشعر» والأبل والصقور وعازف الربابة وتحضير « القهوة العربية الشاي» من خلال إشعال الحطب, وقام الوفد بركوب الإبل وتجربة وضع الصقر على اليد.