استقرت أسعار البترول في الأسواق العالمية خلال شهر نوفمبر الماضي، حيث وصل المعدل الشهري لبترول سلة أوبك 106 دولارات للبرميل مقارنة بالمعدل السنوي لعام 2012م الذي يقترب من 110 دولارات للبرميل لسلة أوبك كدلالة كبرى على استقرار أسواق النفط العالمية وتهميش عامل المضاربات في أسواق نيويورك ولندن وسنغافورة وتقارب الطلب والعرض على النفط بالرغم من استمرار المخاوف الاقتصادية خاصة في منطقة اليورو والمخاوف الجيوسياسية خاصة في منطقة الشرق الأوسط باستمرار الحرب الأهلية في سوريا وتداعياتها في العراق واستمرار الشد الجيوسياسي في منطقة الخليج العربي لاستمرار الحظر النفطي الأوروبي والأمريكي على صادرات إيران النفطية والغير نفطية.
يمثل هذا المعدل زيادة 2ـ3 دولارات للبرميل مقارنة بمعدل بترول سلة أوبك لعام 2011م الذي وصل إلى 107 دولارات للبرميل كإشارة قوية وردة فعل طبيعية لانتعاش الاقتصاد العالمي في عام 2012م حيث يتوقع المحللون في كثير من الدراسات وصوله إلى 3% مع توقعات ارتفاعه إلى 3.2% في عام 2013م متأثراً بانتعاش الاقتصاد الأمريكي الذي يتوقع أن يصل إلى 2% في عام 2013م وانتعاش الاقتصاد الصيني الذي يتوقع ارتفاعه إلى 8% خلال عام 2013م وانتعاش الاقتصاد الهندي الذي يتوقع ارتفاعه إلى 6.6% خلال عام 2013م، وبالرغم من استمرار الركود الاقتصادي في القطاع الأوروبي و الاقتصاد الياباني وبالرغم من عدم ارتفاع الطلب العالمي على البترول مقارنة بالتوقعات السابقة وبالرغم من ارتفاع المخزون النفطي الإستراتيجي لدول منظمة التنمية والتعاون وارتفاع المخزون النفطي الإستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية مقارنة بمعدلاتهما في السنوات الخمس الماضية.
عندما ندرس العوامل الاقتصادية والجيوسياسية والنفسية التي أثرت بشكل مباشر وغير مباشر على أسعار النفط في الأسواق العالمية خلال عام 2012م نجدها كانت تصب في مصلحة الدول الرئيسية المصدرة للبترول والتي يعتمد اقتصادها بشكل أساسي على كميات البترول المباعة وأسعار البترول في الأسواق العالمية واستمرار استقرار الأسعار حول معدلاتها المرتفعة. الكثير من المحللين والكثيرة من الدراسات البترولية يتوقعون ارتفاع بسيط في الطلب العالمي على البترول خلال عام 2013م واستمرار الانتعاش الاقتصادي بمعدلاته الخجولة جداً واستمرار العوامل الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط مما يدل على توقعات استمرار أسعار البترول لعام 2013م بحيث تكون قريبة من 100 دولار للبرميل مع وجود معدل تذبذب مقبول وطبيعي قد لا يتعدى الـ 10- 15% صعوداً (الأقرب للتوقعات) أو نزولاً إذا تفاقمت وتوسعة تبعات الأزمة الاقتصادية في القطاع الأوروبي.
العامل الأكيد الذي لن يكون له تأثير كبير على الأسعار يتمثل في عامل العرض وذلك لتوفر سعة إنتاجية كبيرة لدى الدول المنتجة خارج وداخل منظمة أوبك، وتوفر سعة إنتاجية إضافية لدى الدول الرئيسية في منظمة أوبك وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية.
يبقى عامل الطلب الذي قد يؤثر سلباً أو إيجاباً على الأسعار حسب معدلات انتعاش الاقتصاد العالمي الإيجابية و الاقتصاد الأوروبي السلبية.. لذلك من المتوقع وجود فائض كبير جداً في ميزانيات الدول الرئيسية المصدرة للبترول لعام 2013م كما كان الحال خلال عام 2012م مما يشير إلى استمرار المعدلات الكبيرة للنفقات الحكومية خاصة على مشروعات البنية التحتية.
www.saudienergy.net