تزيد إيران المنطقة توترا بفعل سياساتها، وممارساتها، التي لم تختلف كثيرا عن عهد الشاه، حيث تواجه تلك العلاقة خطر الانزلاق في صراع، قد يكون من الصعب تصور مداه، أو احتواؤه، إذا ما تعددت مخاطره الإطار الإقليمي؛ لتهـدد الأمن العالمي.
قبل أيام، أعلن -قائد القوة البحرية الإيرانية- حبيب الله سياري، في مؤتمر صحافي عقد عشية الذكرى السنوية؛ لتشكيل القوة البحرية في إيران، أن: «أمن الخليج، وبحر عمان بيد إيران»؛ لتندرج تلك التصريحات ضمن سياسة تدخلية في نطاقها الأوسع، شاملة أمن الخليج، وبحر عمان، وتكشف بؤرة اهتمام السياسة الإيرانية، -تارة- بالتهديدات العسكرية لبعض دول المنطقة، -وتارة- بتهريب السلاح، والمخدرات إليها، -فضلا- عن خلاياها النشطة، والنائمة، وشبكات التجسس، والمؤامرة، بل هي التي اعترفت على لسان قادتها، بتحالفاتها المشبوهة مع القوات الأمريكية، ويسرت لها احتلال العراق، وأفغانستان.
لن تكون إيران طرفاً يُعتمد عليه في تحقيق أمن الخليج، وهي من يمثل أهم خطر عسكري، واستخباراتي لدول الخليج، بل إن أمن المنطقة، كان يجب أن يكون تجسيداً للعلاقات الإيجابية بين أطراف المعادلة، كضبط النفس، والانخراط في تطبيع العلاقات الإقليمية، والدولية؛ ليظل الاستقرار الإقليمي هاماً، وحيوياً لاستقرار الاقتصاد العالمي في المدى المنظور، إلا أن الاختراقات الإيرانية المستمرة لأمن الخليج، والتصعيد الطائفي في بعض الدول، واحتلال الجزر الإماراتية، تندرج -مع الأسف- ضمن سياسة الالتفاف؛ لاختراق أمن تلك الدول.
ما أكثر العبر، والمواعظ في التاريخ، إذ لم يترتب على سياسات إيران التوسعية، والإصرار على تحقيق مخططها الفاشي؛ لقيام دولتها الصفوية، وتصدير ثورتها الخمينية، سوى عزلتها إقليمياً، ودولياً، مع أنه كان بإمكانها مراعاة تحقيق المصالح الإيرانية في إطار تعاون إقليمي، يعلي من شأن المصالح المشتركة، وصيغه للتعايش التنافسي عن طريق الحوار.
ستكون الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت، وبقراءة منصفة، ولمزيد من توضيح الصورة، بسبب غياب الدراية الكافية بتطورات الأوضاع في المنطقة؛ لغياب الكوادر القادرة على التعاطي الإيجابي مع التطورات الأخيرة، فإن نتائج الأحداث من حولنا، ستُحجّم سيادة إيران في المنطقة، بسبب أخطائها الإستراتيجية في سياستها الخارجية، التي يشوبها قصر النظر، وسوء الطالع، -إضافة- إلى الدلائل الاقتصادية المزرية، التي يعانيها الاقتصاد، والشعب الإيراني، بعد أن شدد المجتمع الدولي عقوباته الاقتصادية على خلفية الملف النووي العسكري الإيراني، وستصعد قوى إقليمية، ودولية، بعد أن تتشكل؛ لتمارس أدواراً أكبر مما كانت تمارسه في السابق، وعلى هذا السيناريو، يبدو أن الأمور تسير.
drsasq@gmail.com