لو لم يتحقق مما جرى مؤخراً والذي تمثل في انتخاب رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم من المكاسب، سوى كونها الخطوة الحضارية الأولى على طريق الاستفادة من تجارب الآخرين.. لاعتبرناها من أكبر المكاسب.
نعم: هي تجربة أولى وقد تكون شابتها بعض الأخطاء ولكنها ضرورة. حتمية في سبيل مواكبة ضرورات العصر سعياً إلى بلوغ المنشود وفق آليات حضارية وعصرية هي من ضمنت وسهلت للآخرين سُبل النجاح في كل المجالات، فيما ظلت الأمم التي لم تأخذ بالأسباب العصرية الحديثة والمبتكرة، جامدة في مكانها.. على أن المؤكد هو أن الخطوات الانتخابية القادمة ستكون أكثر خلواً من الأخطاء - إن شاء الله -.
وتبقى كلمة صادقة يجب أن نهمس بها في أذن الرئيس الخلوق الأستاذ أحمد عيد ألا وهي: أنت حُملت أمانة عظيمة كرئيس لجميع الأندية، فما أنت صانع تجاه هذه الأمانة العظيمة.. مع دعواتنا لك بالتوفيق والسداد.
وماذا بعد؟؟
أن تستكتب صحيفة ما أحد مرتادي المصحات النفسية للقيام بمهمة تشكيل الرأي فيها سواء كان الغرض تسويقياً، أو كان لغرض آخر في نفس الصحيفة، فذاك شأن يخصها وعليها أن تتحمل وزر صنيعها إن عاجلاً أو آجلا.
وأن تعبّر هذه الصحيفة أو تلك عن غبطتها بانتصار هذا الفريق أو ذاك.. أو تحتفل أخرى بخسارة فريق ما، ولكن في إطار المعقول والمقبول.. فلا تثريب ولا غضاضة.
لكن أن تخرج صحافة محسوبة على إعلامنا ومجتمعنا بـ (فن) جديد يتجاوز في هبوطه مستوى صحافة (الكباريهات) وذلك من خلال تعاطيها مع حدث رياضي معتاد لا يخرج عن إطار نواميس وأعراف التنافسات الرياضية الشريفة، لتصطنع من ذلك الحدث العادي مادة تسويقية تشويهية (قذرة) إنما تعبّر وتبرهن بجلاء عن البيئة التربوية الانحرافية التي أنتجت ذلك النوع من البشر بأفكارهم الفاسدة والمفسدة؟!!
ذلك أن ما طفحت به (صفيحتان) محسوبتان - مع شديد الأسف - على الإعلام السعودي المغلوب على أمره في أعقاب مباراة الهلال والفتح الدورية من ثقافة انحطاطية فكرياً وأخلاقياً، ولا أقول مهنياً.. لأن المهنية واحدة فقط من عدة عوامل ومقومات أساسية تتطلبها أمانة وشرف الكلمة، تأتي المهنية بعدها في الترتيب والأهمية، أي مكملة لها.. فإذا خلت الوسيلة الإعلامية من وجود الرجال الذين يتحلّون بقدر كاف من الأخلاق والآداب والأمانة، فلا تسأل حينها عن المهنية، ولاعن قيم الحياء والمروءة، لأنها تسقط تلقائياً بسقوط أساسيات الرجولة الحقة؟!!
قد يتفهم المرء اغتباط وفرحة شريحة من (الحاقدين) على الهلال كحق مشروع فرضته حاجتها الماسة إلى لحظة فرح بعد أن يئست تماماً من إمكانية الفرح بتحقيق المنجزات، فضلاً عن استمرار عجلة الحضور الأزرق المبهج لعشاقه ومريديه في الدوران على الرغم من التقلبات التي تجتاح معظم الأندية الكبيرة بما فيها الهلال نفسه، ولكن في إطار وحدود المنطق كما أسلفت.
وبما أن فاقد الشيء لا يعطيه كما هو متعارف عليه.. لذا يكون من العبث مطالبة أبطال الغوص في ذلك المستنقع أن يرعووا، أو يكفّوا، بقدر الحاجة إلى توجيه بعض الأسئلة الضرورة إلى (رأس) الهرم الإعلامي حول مدى رضاه عن هكذا فكر بدأ يتبلور شيئاً فشيئاً.. وهل اطّلع على تداعيات (المهزلة) إياها عبر وسائل التواصل الاجتماعي الإلكتروني وما أحدثته من ردود أفعال واسعة ومن تبادل لثقافة غاية في القُبح، وهل هذه هي الأمانة الإعلامية المفترضة التي هي في أعناقنا تجاه الأجيال القادمة وما يترتب على هذه الأمانة من واجبات أهمها تشكيل رؤى وثقافات وتعاطيات هذه الأجيال مع الأحداث الرياضية وغيرها.. وهل يعلم ذلك (الرأس) أن ما يدور في الوسط الرياضي من تداعيات، وما يتم تداوله وتبادله من ثقافات هابطة يقودها صنف من الإعلام غير المسؤول وغير الأمين، إنما تنعكس بحذافيرها على باقي الأوساط الاجتماعية الأخرى تلقائياً، شئنا أم أبينا؟!!
يقول الرسول الأعظم (صلوات الله وسلامه عليه): إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.. هذا الحديث وإن كان الغرض منه في الأصل الحث على الجماعة والتكاتف.. إلا أنه يمكن الاستفادة منه ومن تطبيقه في كثير من الأمور، فالغنم القاصية يعني بها المتطرفة التي لاراع لها ولا حامي وبالتالي سهولة افتراسها.
(كفو) يا السديري
أستطيع القول ان نجم الحراسة القادم حارس الهلال الدولي عبد الله السديري كان بمفرده أكثر من نصف الفريق في اللقاء الذي جمع الزعيم بشقيقه نجران يوم الأربعاء في إطار دور الستة عشر من مسابقة كأس سمو ولي العهد الأمين - حفظه الله -.
فقد ذاد عن مرماه ببسالة فائقة، وتحمل عبء تصحيح العديد من الأخطاء التي ارتكبها زملاؤه المدافعون، وأبطل مفعول العديد من غارات الهجوم النجراني التي كانت عبارة عن فرص محققة.. توج تألقه وبراعته بصد ركلة الجزاء المحتسبة ضد فريقه والناتجة أصلاً عن خطأ دفاعي ما كان ينبغي أن يحدث لولا رعونة الدفاع من جهة، ومن جهة أخرى لوجود تلك المساحات الخالية في المنطقة القريبة من المرمى الأزرق - منطقة المحور - التي كانت مسرحاً للعديد من العمليات النجرانية الخطرة؟!.
وبذلك يكون الفضل في تأهل الفريق الهلالي إلى دور الثمانية لله أولاً، ثم للسديري ثانياً - مع كامل احترامي لبقية زملائه - الذين بدا بعضهم وكأنه قد ضمن النتيجة سلفاً، فمن يدري كيف كانت ستسير الأمور فيما لو سجل نجران الجزائية في ظل ذلك البُطء والتراخي العجيب لمعظم عناصر الفريق الأزرق، التي أضحت سِمة هلالية كثيراً ما سببت إحراجات كبيرة للفريق.. كذلك الاندفاع الجماعي غير المقنن وغير المحسوب في كثير من الحالات التي كثيراً ما ينتج عنها هجمات معاكسة غاية في الخطورة، والتي من الطبيعي أن يكون من ثمارها في غالب الأحيان إما ركلة جزاء أو هدف؟!
وتبقى نصيحتي للنجم عبد الله السديري أن ينظر إلى ما قلته بحقه آنفاً، أو ما سيقوله غيري في هذا الإطار، على انه من باب الإشادة بما جسده من مستوى استحق عليه الإشادة، ولكنه أبداً لا يعني الشعور ببلوغ القمة وبالتالي التوقف عن طلب أسباب تحقيق المزيد من النجاحات وإثبات الوجود في سبيل فرض أحقيته بالثبات في مركزه كأساسي.. وأن يبتعد عن مقبرة المواهب (الغرور)، فما تسلل إلى وجدان أي موهوب إلا وأورده موارد الفشل والضياع.. اللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.
لماذا يا كابتن؟!
أشدت بقرار الكابتن ياسر القحطاني اعتزال اللعب دولياً، لا لشيء، وإنما توفيراً وحماية لما تبقى له من كرامة مواطن، أُهدرت (بفعل فاعل) عبر أكثر من مدرج (أصفر)، وليت الأمر توقف عند ذلك الحد، بل تجاوزه كثيراً من خلال تصدير تلك الثقافة إلى خارج الحدود فيما اكتفت الجهات المعنية بالتلذذ على ما يبدو بأنغام تلك (السمفونية) ولكنني فوجئت مؤخراً بخبر عدوله عن ذلك القرار، حقيقة؟!!.
وأياً كانت الأسباب والمغريات - إن كان ثمة مغريات - فهل تيقن الكابتن من أن تلك المدرجات قد هبطت عليها نفحة من (مروءة) فجأة فلا تعود لممارسة ثقافتها السابقة بحقه.. وهل تيقن من أنه في حال حدث إخفاق - لا قدر الله - سيتم توزيع المسؤولية على الكل دون انتقاء كما هي العادة.. وهل اطمأن إلى أنه ليس هناك من سيخذله ساعة الجد بذات الكيفية والطريقة التي حدثت للجابر والتمياط في (اليابان) إبّان مشاركة الأخضر في نهائيات كأس العالم آنذاك؟!!.
ليتك بقيت وفياً لقرارك الصائب يا كابتن وتذكرت الحديث الشريف الذي يقول:(لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين).
من الأمثال الشعبية الجنوبية: (من غشنا مرة حسبنا الله عليه.. ومن غشنا مرتين حسبه الله علينا).