ليس أمرا واردا ولا حتى قابلا للنقاش أن أستغل زاويتي التي منحني إياها الزميل الكبير (خالد المالك) رئيس التحرير الذي أدين له بأكثر مما يتصور البعض منكم. في مديح اصدقاء أو تلميع أشخاص أو تمرير مطالب شخصانية لأنكم تعرفون أنني لا أستطيع لعب هذا الدور بسبب وراثي أي أنه من الصعب علاجه أو تغييره أو التقليل أو التكثير منه. قدّر ربّك وما شاء فعل.
ولكنني أود أن أنقل للقراء الذين أسميهم بالمتلقين المبدعين وهم أولئك الذين يقرأون ويلاحظون ما لا يلاحظه غيرهم، أو يقرأون لكاتب معيّن يوميا لقياس مدى استمراره في الابداع من عدمه، أو ليتأكدوا من حالة الطقس الثقافي وأهم مناطقه: الجرائد والمجلات. إنني عندما أعجز عن الكتابة فلن التمس الذرائع للاستمرار بدعوى مجاملة مسئول كبير أو بمديح من لا يستحق حتى الالتفات إليه.
بل أقول لخزانتي التي بنيتها بصعوبة بالغة طوال سنين (كوني بردا وسلاما، فليس معقولا رفض دعوة تفوح منها رائحة ثقافية أو يبرز فيها ملمح جميل.
إن الأستاذ (خالد المالك) ليس فقط حريصا على قراءة كتاباتنا - بعض الزملاء وأنا - بل إنه يتميز بلغة الحزم وأذكر أنني مرة أرسلت له الزاوية وظللت أنتظر ردّ مكتبه، فليس كل ما يُكتَب ينشر!، وبعد زمن طال أكثر من اللازم اتصل بي مدير مكتبه قائلا (يسلم عليك أبو بشار ويقول لك ماراح تنشر فأرسل ثانية وبسرعة لو سمحت) ! كنت أقدّر نسبة السماح بالنشر أعلى مما هو واقع، أي حوالى الـ 60%، ولكنني سمعت كلام مدير المكتب وشرعت أكتب غيرها وأنا أردد (الله يهديك يأبوبشار) ولكن ما يجعل مثل هذه الصعوبات تظل ضمن حيّز الصداقة ومعرفة الوضع ودراسة الرأي العام في سبيل نشر مواد ثمة من ينتظرونها كل صباح هو عمل رئيس التحرير.
لا يحفل أبو بشار بالمواضيع الأكثر إثارة ولا بالذي يرغبه العامة من قراء المصادفة ولكنه يهتم بأن تكون الجزيرة مكانا للكتاب الجيدين بغض النظر عن اختلافه أو اتفاقه معهم.
فهذه مسألة خارج النص. هو يؤمن أن الجزيرة ليست مزرعة خاصة به وهذا يجعله يبحث دوما عن تطويرها ويتميز عمل التطوير بالهدوء والتأني.
إنني أكتب في الجزيرة منذ كانت عروسا أسبوعية إلى الآن لسبب بسيط قد تجهلونه وهو أنني أظل محتفظا بكرامتي وثقافتي وانتمائي للجريدة ولكون الزملاء وعلى رأسهم رئيس التحرير راضين عن عملي وكوني ملتزما أشد الالتزام بفحوى ما أكتب.
إن الكتابة ليست حالة من العبث تخطر في البال مرة كل زمن ولكنها قضية التزام إنساني ومبدأي وأخلاقي، بمعنى أنك تكتب لتدعو الناس لتجربة فضيلة ما في السلوك أو في الاختيارات أو في إبداع ما وأنت من معتنقي هذه الفضيلة (أعني القضية) !.
فلا تصبح مثل مدير المدرسة (.....)، حيث زينت مؤخرا وجددّ تبييض سورها واجتهد من هو معلم التربية الفنية - كما أظن - وخطّ على حيطانها عبارات توعوية أو ما يشبه ذلك وأمام مربع فارغ من السور في آخر عمله وقف مفكرا ورقش (الكتابة على الحيطان عادة ذميمة)!.
حين أقرأها أبتسم لنفسي محييا هذا الرجل على طيبته غير المصطنعة.
فالعبارة صحيحة وخطه من أجمل الخط الذي شاهدت ولكن.. ولكنه لم يلاحظ أنه قام بالكتابة على أربعة حيطان كبيرة وكثيرة.
ومن المؤكد أنه لم يلاحظ ذلك حتى الآن. لأن الحيطان تزهو بالنظافة وبمربعات الخطوط العربية الملونة والرائعة وبمقولة إن الكتابة على الجدران عادة ذميمة !
يا أمان الخائفين !
alhomaidjarallah@gmail.comحائل