هناك فوارق أساسية بين المسيحية والإسلام، ولكن هناك موضوعات مشتركة بينهما قابلة للنقاش، ومن خلال الحوار المفعم بروح المحبة والاحترام المتبادل سيعرف المسيحيون المزيد عن حقيقة الإسلام، تاريخ الإسلام، تعليمات الإسلام، والتعرف على التقاليد الاجتماعية والعادات المختلطة بدين الإسلام وهي في الحقيقة ليست من الإسلام، واليوم أكثر من أي وقت مضى جميع أتباع الديانات تصرح بحق الوجود وحق التعايش جنبا إلى جنب مع الآخرين.. وليس من الدين إكراه الناس على التدين، والتعصب الديني مرض فكري يعاني منه المتدين، والعنصرية الدينية لم ولن تستطيع أن تقدم للبشرية سوى النزاع والتناحر والحرب، ويتعين إدراجها في قائمة الأمراض الفتاكة، وحاملي هذا المرض مصدر عدوى، فمنهم من تظهر عليهم أعراض المرض، ومنهم الآخر يحمل المرض دون أعراض ظاهرة... وعندما يتم بناء جسور التواصل والتعاون بين أتباع الديانات، سيساهم ذلك التواصل في وقف انتشار ذلك المرض والقضاء عليه من خلال العلاقات الدولية الحميمة، ومن خلال تشجيع ونشر فكر السلام والحرية الدينية... أن تضافر الجهود بين أتباع الديانات سيمكنهم، أثناء بحثهم عن حلول مشتركة لمشكلات الإنسانية، من تقريب الإنسان لأخيه الإنسان وبث فكر التعايش السلمي، والنتائج المنتظرة من حوار أتباع الديانات والحضارات ليست سريعة التحقيق وتتطلب الصبر والنفس الطويل، والأديان المنتشرة في عالمنا المعاصر، سواء السماوية منها أو الوضعية، لها رموزها التي يتطلع إليها أتباعهم بالسمع والانقياد، وهم خير من يدرك حجم التحدي الذي سيتطلبه الحوار والقبول بالآخر، ولكنهم أيضا خير من يصنع القدوة الدينية لأتباعهم.. والدين الإسلامي يحمل جميع مقومات الحفظ والبقاء، و الإحصاءات تفيد بأنه الأسرع انتشارا في عقر دار الأديان الأخرى، ولكن هناك بعض المسلمين، أساؤوا للإسلام بما يحملونه من تعصب ديني رسم صورة إسلامية بغيضة على المشهد العالمي، وساهمت بعض هيئات الإعلام بانتقائية فائقة في استغلال سرعة الإعلام الحديث في نشر تلك الصورة إلى الجمهور العالمي بما ينسجم مع الخط السياسي للدولة التي تنتسب إليها تلك الهيئة... ليس ضربا من الخيال أن نتصور النتائج المذهلة التي يمكن أن يحققها الحوار بين أتباع الديانات والحضارات، بل إن ذلك من السهولة بمكان على أصحاب الرؤى الثاقبة، بل إن بعضهم شرع فعلا في خطاب الترحيب بأتباع الديانات من خلال الكف عنالدعاء عليهم بالهلاك، واستبداله بخطاب الدعاء لهم بالسلام ولأبنائهم بالهداية والإسلام، وليس ضربا من الخيال أن نتصور شعوب العالم المعاصر وهم ينعمون بتعايش سلمي بلا عنصرية دينية أو عرقية...
الخلاصة...
التعصب: هو شعور داخلي يجعل الإنسان يرى نفسه على حق ويرى الآخر على باطل، ويظهر هذا الشعور بصورة ممارسات ومواقف ينطوي عليها احتقار الآخر وعدم الاعتراف بحقوقه وإنسانيته، وعندما يرتقي الإنسان في عالمنا المعاصر ويصل إلى تلك المرحلة من الشعور الإنساني المعتدل، سيدرك عندها المسافة الزمنية التي سبقهم بها ملك الإنسانية بتأسيسه مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الديانات والحضارات في فيينا، وستغلب سنة الحوار ويجني حسناتها الأجيال، وقد جاء في حديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في صحيح مسلم: (من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة...) تلك سنّة حسنة، أسس لها الملك عبدالله، فيها من الخير الكثير؛ سيجعل هيئة جائزة نوبل تطمع في شرف منح جائزتها للخدمات الإنسانية للملك عبدالله بن عبدالعزيز.
khalid.alheji@gmail.comTwitter@khalialheji