تُعقد القمّة الخليجية الثالثة والثلاثون في العاصمة البحرينية المنامة تحت عنوان (المصير المشترك)، وهو عنوان يتطابق تماماً مع ما تشهده المنطقة وبالذات الإقليم الخليجي، من تحدِّيات تهدِّد مصير جميع دول الخليج العربي، لا أحد بعيدٌ عن مخاطر التهديد التي أخذت تتصاعد، بعد إصرار واستمرار نظام الملالي في طهران على تصدير الفتن والتدخُّل سلبياً في الشؤون الداخلية للدول العريبة، وبالذات دول الخليج العربية، وهو ما يتطلّب ويفرض على دول الخليج العربية أن تحزم أمرها وتنتقل إلى مرحلة الاتحاد بعد أن استكملت خطوات التعاون، فالأخطار المحدقة التي تحيط بدول الاتحاد، تفرض على دوله أن تنصهر في بوتقة واحدة مكوّنة قوية عسكرية وأمنية، تحصِّن إنجازات دول المجلس التي باتت مطمعاً من قِبل جهات عديدة، من بينها دولٌ تمتلك حدوداً مشتركة مع كلِّ الدول الست، ولم تَعُد تخفي أطماعها بل وتحتل جزراً من إحدى دوله وتهدِّد بابتلاع دولة أخرى، وتواصل إثارة الفتن في الدول الأخرى.

هذا الوضع لا يحتمل التراخي والتحجُّج بخصوصية واستقلالية أنظمتها، رغم أنّ الاتحاد المقترح يحفظ للدول الست استقلاليتها وسيادتها، ويكون شبيهاً بما هو معمول في الاتحاد الأوروبي.

التحوُّل إلى الاتحاد من مرحلة التعاون أصبح ضرورة ملحّة لا تقبل التأجيل، ولذلك فإنّ قمّة المنامة، وإنْ لم تشهد إشهار الاتحاد، إلاّ أنّ المعلومات المتداولة في أروقة اجتماعات القمّة، تشير إلى أنّ القمة الثالثة والثلاثين ستضع اللمسات الأخيرة لوثيقة الاتحاد الخليجي، ليتم إقراره وإعلانه في قمّة الرياض التشاورية التي ستُعقد بعد ستة أشهر، أولاً لاستكمال بعض الصِّيغ القانونية، والانتهاء من وضع المؤسسات التي ستدير الاتحاد، حيث ستتحّول اللجان الوزارية المتخصِّصة إلى مؤسّسات دائمة أشبه بما هو معمول في الاتحاد الأوروبي، بإقامة مفوّضيات متخصِّصة تعمل وتنفِّذ توصيات وقرارات القمم الخليجية والقمم التشاورية، وإنشاء قيادة موحَّدة للجيش الخليجي وإطار مالي واقتصادي موحَّد، إضافة إلى تفعيل أجهزة الخدمات والصحة والتعليم، وتوحيد الأجهزة الأمنية وربطها بمركز موحَّد للتوجيه والسّيطرة.

كلُّ هذه المؤسّسات والخطوات تتطلّب وضع أنظمة وأُسس لعملها حتى تؤدي دورها المطلوب منها، وقد قدّمت الهيئة التي أنشأها قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في اجتماعهم الأخير، أُسس تكوينها وضوابط عملها، وسوف تستثمر الأشهر المتبقية في استكمال خطوات إنشائها، بعد أن يبحثها القادة على هامش اجتماعات قمّة المنامة، التي لن يقتصر دورها على بحث هذه المواضيع الهامة، فهناك إضافات تنموية وإجرائية هامّة، في مقدِّمتها الاتفاق النهائي على تنفيذ «قطار الخليج للخطوط الحديدية»، الذي سيمتد من دولة الكويت إلى جنوب سلطنة عمان، بحيث ينتهي تنفيذ المشروع في عام 2018، إضافة إلى تفعيل تنفيذ مراحل الرَّبط الكهربائي، كما سيقرُّ القادة الاتفاقية الأمنية الموحَّدة التي وقّعها قبل أسابيع وزراء الداخلية في دول المجلس، كما ستتم الموافقة على توصيات وزراء الصحة والتعليم والخدمات، وخاصة في مجالات التأمينات الاجتماعية والتقاعد، وإضافة مهن جديدة يحقُّ للمواطن الخليجي التمتُّع بها بدول المجلس، وصولاً إلى تحقيق المواطَنة الخليجية.