في المقام الأول، تحرص الإرادة السياسية لدول الخليج على نزع فتيل الخلاف الإقليمي وبذل المساعي للتوصل إلى حلول مُرْضية من خلال الجهود الدبلوماسية، وعندما تفشل تلك الجهود في تحقيق السلم تبدأ مهمة قيادة الدفاع الخليجي المشترك للمحافظة على سلامة شعوبها وحماية مكتسباتها. ثانياً: تحرص الإرادة السياسية على تعزيز المبادئ الشريفة في المنطقة، وتشجيع مبدأ التشاور والتعاون قبل مرحلة الحسم العسكري والأمني. ثالثاً: تحرص الإرادة السياسية على زرع بذور الثقة على أرض الخليج والنأي بنفسها عن أسباب النزاع؛ لتنعم شعوبها بأوطان تزخر بالأمن والاستقرار في شتى مجالات الحياة والمعاش، مع الإعداد للعدو ما استطاعت إليه من قوه. رابعاً: تحرص الإرادة السياسية على أن تتوجس الحذر من إيران، ولا تطمئن إلى سلامة نيتها، ولا تسلم بحتمية مصداقيتها، أو الانخداع بشعاراتها المزيفة لدعوى السلام. الدفاع المشترك يعني سرعة الاستجابة لأي بادرة اعتداء تلوح في أفق الخليج، وذلك يقتضي إعادة هيكلة الجيوش بنقلة نوعية وتنظيمية، تلبي متطلبات تلك السرعة لمواجهة الخطر الإيراني. وبالضرورة يعني هيكلة قوة درع الجزيرة لتنضوي تحت قيادة القوات المشتركة لإعادة إنتاج الكفاءة القتالية، وتحقيق التكامل التكتيكي بين أفرعها، وتحديث الإدارة العسكرية؛ لتعتمد على تقنية المعلومات العسكرية والأمنية وسرعة تراسل البيانات بين الجيوش، وتوظيف جميع العوامل المهمة التي تحقق نجاح العمليات القتالية الخاطفة. أصبحت الحرب الحديثة تتطلب تبادل المهام بين أفرع القوات المسلحة (البرية، البحرية، الجوية والدفاع الجوي)، وتحتم سرعة انطلاقها إلى نقاط التماس المهددة لحمايتها من الخطر الإيراني؛ ما يعني إعادة تشكيل الهياكل العسكرية لمواءمة تلك المتطلبات، وضمان سرعة الاستجابة الفعالة للأزمات الطارئة، والتعامل مع تطورات الموقف على الساحة الخليجية بإجراء سريع وصارم.. واستحداث قيادة مشتركة للجيوش الخليجية سيبث هاجس الحذر والتردد لدى إيران من التفكير في حماقة التحرش العسكري أو الأمني الصريح ضد دول الخليج، ولكن نهجها المنحرف سيغلب عليها، وستبقى تمارس الزراعة لبذور الفتنة بين شعوب دول الخليج؛ فتاريخها حافل بحياكة الدسائس ومحاولات الغدر، ومنها نصب شبكات التجسس في اليمن، ومحاولة اغتيال السفير السعودي في أمريكا.
الخلاصة:
لقد أدركت الإرادة السياسية لدول الخليج ضرورة الاجتماع على قلب رجل واحد؛ فصنعت اتفاقية الدفاع الخليجي المشترك تحت قيادة واحدة، ويتعين على إيران أن تفهم معناها كالآتي: (الاعتداء على إحدى الدول الخليجية العضو في الاتفاقية سيعتبر اعتداء على جميع الدول الأعضاء، ويملك الأعضاء حق الدفاع منفردين أو مجتمعين).
khalid.alheji@gmail.comTwitter@khalialheji