بقلم - مايكل شراج:
قامت مقاهي «ستاربكس» بعمل بارع مع تدريب زبائنها على الانتظار في الصف. ولكن هل يبرّر هذا الواقع أن تعمد الشركة على استكشاف فرص رخيصة وبسيطة لتعزيز فعاليتها؟
إنّ أكثر ما يزعجني، فيما يمضي يتقدّم الواقفون في الصف ببطء، هو أن المفاجأة تبدو على وجوده معظم الزبائن عند الصندوق لأنه عليهم أن يسددوا ثمن قهوتهم. ويحاول أكثر من نصف الناس البحث عن قطع نقدية أو يتلمّسون بطاقة ائتمانهم أو هاتفهم الجوال عندما يحين وقت الدفع. ومع تمضية 20 ثانية أو أكثر على البحث، بتنا نتحدّث عن المزيد من التأخير، لمدّة تتراوح بين ثلاث وأربع دقائق. لكنّها ليست بالمشكلة الكبيرة، أليس كذلك؟
مع ذلك، أنا مستعد لأن أدفع لمقاهي «ستاربكس» من جيبي الخاص، لأداء تجربة بسيطة، كي أرى إن كانت الصفوف ستتحرّك بشكل أسرع خلال أوقات الذروة، إن وُضعت لائحة تطلب من الزبائن أن يكون المال المخصص للدفع جاهزاً عند وصولهم إلى الصندوق. وأراهن على أن الخدمة سرعان ما ستصبح أسرع في «ستاربكس»، ويقلّ عدد الأشخاص الواقفين في الصف، ويشعر الزبائن بسعادة أكبر.
لا شك في أنّها مسألة بسيطة، إلا أنه من المعروف أن تجربة الزبائن غالباً تؤدّي إلى انزعاج كبير في نهاية المطاف. والجدير ذكره أنّ استطلاعات الرأي حول ما يُعرف بـ»رضا الزبون» تغضّ الطرف في أحيان كثيرة – وقد أقول دائماً – عن هذه الاحتكاكات المزعجة، لاعتبارها تافهة إلى حد كبير. وفي مطلق الأحوال، تميل الاستطلاعات حول رضا الزبون نحو رصد مسائل ومشاكل أكثر «أهميةً». وقد اطّلعتُ على استمارات كثيرة تسأل الزبون عمّا جعله «غير سعيد» أو «غير ممتن» خلال تجربته. ولكنني لم أرَ يوماً استمارة تسأل عن احتمال وجود أمر مزعج فعلاً في تجربته.
وإن ألقينا نظرة ساخرة على الموضوع، تُعتر المضايقات الصغيرة بكلّ بساطة بالغة الإزعاج لتستحقّ تركيز الإدارة عليها. ومن شبه المتعارف عليه أن الشكاوى الجدية تستحق اهتماماً أكبر من الشكاوى التافهة. أما الواقع، فيشير طبعاً إلى أن مصادر الإزعاج الدائمة تعكس في كل المرات تقريباً مشكلة أكثر استدامةً.
أعرف أن «ستاربكس» لا تريد التحوّل إلى شبكة «ماكدونالدز» وتعريف تجربة زبائنها بالاستناد إلى تحسين الفعالية التشغيلية. ولكن من جهة أخرى، هل أنّ حسن السلوك أو الفطنة يعذران استعمال تجربة المستهلك كتبرير لغضّ النظر عن كيفية تقليص أو إلغاء مضايقات مزعجة ترصدها شريحة غير بديهية من الزبائن؟
لا شكّ إذاً في أنّ الجوهر يكمن في التفاصيل. ولا يقتضي الاكتفاء برصد مواطن الانزعاج في أوساط الزبائن والعملاء. بل يجب التحلّي الشجاعة والإبداع لرصد كلّ الأمور التافهة التي يحرجهم الكلام عنها – وتحويلها إلى مواطن ابتكار.
- مايكل شراج شريك بحث في مركز الأعمال الرقمية التابع لكلية «سلون» في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، وهو مؤلف «رهان جدّي».
© Harvard business School publishing corp. Distributed by the new york times syndicate.