كشفت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عن حصرها حوالي ثلاثة آلاف مشروع متعثر، وعزتها إلى خلل إداري. وهذا الرقم المهول هو المكشوف فحسب، بينما هناك مشروعات حكومية لازالت في طي المجهول رغم الإعلان عن إنشائها عند صدور الموازنة كل عام!!
ولا ريب أن تعثر المشروعات يُفقد الثقة بالحكومة، ويُثير البلبلة ويُذكي الشك في المسؤولين، وما لم تبادر الحكومة بوضع الآليات الكفيلة بمتابعة تنفيذ المشروعات؛ فإن رقعة الشكوك ستتسع وتتبعها الشبهة بالذمم، حيث يتساوى من يعمل بمثابرة وإخلاص مع غيره!
وما قام به مجلس الشورى مؤخرا بموافقته على تشكيل هيئة استشارية تضم خبرات وطنية مرتبطة بوزير الاقتصاد والتخطيط لمتابعة خطط التنمية ما هو إلا مهدئات غير حازمة ولا حاسمة! فالهيئة الاستشارية ستبدي رأيها فحسب، والأمر بحاجة إلى حزم ومتابعة ووضع جهاز رقابي تنفيذي مستقل فاعل ودقيق تشترك فيه جميع الأطراف ذات العلاقة ولتبق وزارة التخطيط بعيدا ولتشرف وزارة المالية عليه لمنع تعثر مشروعات التنمية ومعاقبة المسؤول الحكومي وفرض غرامة على المستثمر. فقد بلغت تكلفة المشروعات المتعثرة بالبلاد خلال الأعوام العشرة الماضية نحو تريليون ريال، وتجاوزت نسبة التأخير في تسليمها 50 % ولا زال الرقم بازدياد والنسبة باتساع طالما الحكومة تمول وتخصص وتبذل وتضخ دون تقييم وتقويم لمشروعات سابقة!
ولعل أحد الأسباب في تأخير المشروعات الحكومية يعود لضعف إمكانات وتأهيل الشركات الوطنية وتراخيها بالعمل وسوء إداراتها، فضلا عن رداءة التصميمات والإنشاءات، إضافة إلى تفويض شركات إنشائية صغيرة وضعيفة من الباطن بجزء يسير من مبالغ المناقصة، والوضع يستوجب دعوة وتأهيل شركات عالمية على مستوى راق من المواصفات والمقاييس المطلوبة لكسب الوقت ولجودة التنفيذ.
وليس بعيدا عنا تجارب الدول المجاورة المتطورة حديثا باختيارها أفضل الأساليب والآليات المتبعة في التعامل الأمثل مع إدارة المشروعات للسيطرة على تزايد تعثرها محليا. وقد أثبتت هذه التجربة نجاحها في مشروعات حكومية سابقة قبل عشر سنوات حيث لا تزال تلك المنشآت صامدة وتؤدي دورها على أكمل وجه، وأقرب مثال لها منشآت الحرس الوطني ووزارة الدفاع، ولا مانع من فتح المنافسة للشركات الوطنية بشروط قياسية وعدم التراخي معها سواء بالمحسوبية أو بدوافع الوطنية!! فالأمر قد وصل للتشكيك بمواطنتها طالما لم تحترم المواطَنة الشريفة.
وتعثر المشروعات ليس أسوأ من تسلم مشروعات متهالكة لا ترقى للجودة ولا تصل للكفاءة، ولم يعتنَ بتصاميمها العصرية بسبب ضعف كفاءةِ أو تراخي أعضاء لجان التسلُّم النهائي للمشروعات، وتجاهلهم العيوب الفنية أثناء تسلمها مما يلحق الضرر بمستخدميها مستقبلاً.
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny