نقدي للتعليم ليس شهوة أو نزوة عندي، كما أنه لم يكن نزوة عند ذلك التربوي الفذ الذي انتقد تعليم بلاده بشده في تقرير شهير أعده بتكليف من وزير تربية غربي (رئيسه المباشر)، العجيب أنه لم ترد في تقرير ذلك التربوي عبارة “ بفضل توجيهات معاليه “، والأعجب من ذلك أن الوزير نفسه بصم على ذلك التقرير الجارح والمهين لتعليم يشرف عليه. يرى البعض أن تعليمنا يسير اليوم في سكة التايهين. انظروا فقط في تجاوز طلابنا للأنظمة العامة (الاستهتار بنظام المرور، والإساءة إلى البيئة، مثلا)، انظروا إليهم وهم يمشطون شوارع المدينة إلى قرب الفجر، انظر إليهم وهم يعتمدون على الآخرين في كل شي تقريبا (حتى بقايا إفطارهم الصباحي في المدرسة يتركونها على ارض ساحة المدرسة)، انظروا إليهم وهم يفرطون في استهلاكهم وينعدم لديهم حس الترشيد. هؤلاء الشباب هم في الواقع ضحايا لنظام تعليمي عاجز عن مساعدتهم. أما على المستوى التعليمي فكثير من طلابنا متهالك المستوى في مهارة القراءة، وهم عاجزون عن ممارسة مهارات التفكير العلمي. مساكين طلابنا، قدرهم أن يتعلموا في بيئة تعليمية تفتقد إلى ابسط متطلبات التعليم (لا مكان تعليمي مناسب ولا مختبرات علمية، مثلا)، قدرهم أن يقوم على تعليمهم معلمون لا يجيدون سوى حشوا أدمغتهم بمعلومات خارج العصر، معلمون يعملون دون أن يسألهم أحد عن جودة ما قدموه لطلابهم من تعليم. سيخرج علينا الآن المطبلون كالعادة ليقولوا ما أسهل النقد.
أستاذ التربية بجامعة الملك سعود