12 عاماً من العمل المتواصل كمعلمة في مدرسة ابتدائية في قرية تصنّف (نائية) عن المحافظة بأكثر من 150 كم يومياً، لم تشفع لها بالموافقة على طلب نقلها للعمل بالمحافظة حيث منزلها وزوجها وأطفالها الخمسة، ليس هذا فحسب: فحتى الزوج ضاق ذرعاً بعدم قدرة الإدارة العامة للتربية والتعليم بالمحافظة بتحقيق لمّ الأسرة والاكتفاء بالمدة الطويلة التي قضتها زوجته المعلمة بالخدمة بمدرسة القرية، وقد يكون له العذر بالتذمر والضيق، إلاّ أنه وصل حد التصريح بالبحث عن زوجة ثانية (حسب المصدر) مع عدم قدرة المعلمة عن الاستغناء عن مرتب الوظيفة.
المهم الآن موقف الدكتور المدير العام، وقد يكون بالنظام ما يبرر موقفه وعجزه كما قال عن تقديم العون لها مع محاولاته بإقناعهم بتكليفها بالإشراف أو وكالة المدرسة غير أن الزوج يرى أن قضيته في أنها تغادر للعمل آخر الليل ولا تعود إلاّ قبيل العصر لبيتها وأطفالها منهكة من العمل ووعثاء الطريق، يضيف الدكتور أن الحل بيد الوزارة لتقرر نقلها إلاّ إذا (وانتبهوا لهذا الشرط) تعرضت لطلاق بائن!! أي أن إدارته لديها أنظمة معمول بها لا يتحقق معها نقل المعلمة ما لم تتعرض لطلاق بائن، وهذا ما يجب على كل معلمة فهمه بوضوح ودقة متناهية، فعدم فهم وإدراك الأنظمة قد يضيع على الموظف جزءاً من حقوقه ليس عمداً من رئيسه بالضرورة ولكن لعدم متابعته ومطالبته بها نظاماً، لا سيما مع القصور بأنظمة وخطوات التقييم الوظيفي من حيث الأداء والمقدرة والسلوك والكفاءة (وهي ليست من المترادفات اللغوية في مفهوم شؤون الموظفين) وغيرها من المعايير التي يفترض أنها مرعية وتدوّن فصلياً أو سنوياً وتضبط بما يسمى في بعض الدوائر بتقرير الكفاءة والأداء، ومن حق الموظف فيما أعلم الاطلاع عليه ومعرفة درجة التقدير الممنوحة له من رئيسه ليمكنه (إن أراد) تقديم ملاحظاته المعززة بالأدلة والبراهين المنطقية، ففي كثير من الدوائر الخدمية فجوات بين الإدارة والموظفين وما يحدث من مشكلات وخلافات واتهامات مردها غالباً ليس الأحقاد والترصد إنما سوء الفهم وغياب الوعي بالحقوق والواجبات، حتى المدير ذاته أمام رئيسه الأكبر منه يختلفان على قرارات لنفس السبب، مما يستدعي توفر كتيبات ونشرات معتمدة من جهات الاختصاص شاملة لأنظمة كل إدارة وتحدد واجبات كل موظف ومسؤول وحقوقه الوظيفية، ولا أحسب إلاّ أنها متوفرة لدى الأقسام ذات العلاقة بوزارة الخدمة المدنية ومكاتب العمل وغيرها من الجهات المعنية بها، وهنا نعود لأصل المشكلة فالموظف لا يجهد نفسه بالبحث والتقصّي عن هذه النظم والقواعد والقوانين الوظيفية التي تنير طريقه وتدله على السبيل الأمثل في نيل حقوقه وأداء واجباته دون تخط للقنوات المعتبرة نظاماً ودون تشنج وانفعال، وتكون الأمور لديه واضحة يتتبعها خطوة خطوة وإن تعثّر في شيء منها يرجع للإدارة القانونية في المنشأة أو الوزارة وسيجد التفسير المناسب مع الاحتفاظ بضبط النفس والبعد عن الزلاّت وإزعاج نفسه والآخرين، فإن استيأس من الحلول النظامية فأمامه أبواب أخرى.
حتى كتابة هذه الأسطر لم أجد تفسيراً لتصريح مدير عام التربية والتعليم بالمحافظة المعنية بالمسألة فيما يخص الطلاق البائن!
t:@alialkhuzaim