كنا قبل عقدين من الزمن أو أكثر نتعامل مع أولادنا بشيء من الجدّية والحزم، ونحمّلهم المسؤولية، في كلامهم ولباسهم وطعامهم، ونومهم، وعلاقاتهم وتعاملهم مع الكبار في المناسبات والزيارات، وعدم السماح لهم بالتقدم على من هو أكبر منهم، واحترامهم لضيف أو زائر أو كبير، وتفقُّدهم في صلواتهم، ومحاسبتهم عن تخلُّفهم، حتى قسا بعض الآباء في تربية أولاده آنذاك، ولكن في الجملة لم يضرّهم ذلك بل نفعهم، فأصبحوا رجالاً تحمّلوا المسؤولية وشقوا الطريق إلى النجاح، وحققوا أهدافاً، واكتسبوا علوماً، كان الحزم والجدّية، واللوم بل الضرب غير المبرح وراء نجاحهم، كذا كنا صغاراً نُزجر وقد نُضرب، بل ضُربنا عندما كنا طلاباً على مقاعد الدراسة في الابتدائية والمتوسطة، أما اليوم فقد غلا بعضنا في محبة أولاده أدت تلك المحبة المفرطة إلى انقلاب الأمور رأساً على عقب، فتركنا لهم الحبل على الغارب فهم يعيشون فوضى عامة، في طعامهم ولباسهم وأوقاتهم وصلواتهم وأصدقائهم، يذهبون، ويجيئون، ينامون ويستيقظون فلا يزجرهم زاجر ولا يقف على أخطائهم ناصح، والأسوأ من بعض الأولياء أنهم لا يسمعون فيهم واعظاً، ولا يقبلون فيهم ناصحاً، بل قد يتعدّى الأمر إلى أنّ بعض الآباء ضد صلاح ولده شعر أو لم يشعر، بل قد يكون عوناً له على فساد أخلاقة، وذهاب مروءته ورجولته مستقبلاً، وذلك لفرط محبته لأولاده، فهو لا يرى ولا يسمع في ولده.
والعلاج يكون بإصلاح أوضاعنا وطريقنا ومنهجنا في التعامل معهم، والمنهج الصحيح في ذلك والذي لا يختلف فيه اثنان هو الاعتدال معهم في التعامل، ولقد كان السلف - رحمهم الله - يتعاملون مع أولادهم من خلال هذا المنظور، فهم يؤدبون أولادهم بالتحفيز والتشجيع كما يؤدبونهم بالتقريع واللوم، بل والضرب غير المبرح أحياناً، يقفون مع المعلم ويعطونه كامل الصلاحيات، في التربية والتوجيه والحرمان والتوبيخ ... الخ
حتى تيقن الصبي آنذاك أنه أمام مدرسة متكاملة المربون فيها منظومة واحده، يشربون من معين واحد، أفرادها الأب والمعلم والمرشد وكافه العاملين في مدرسته، فلا تحملهم العاطفة على ترك تقويم أولادهم، وهذا رسول ربّ العالمين صلى الله عليه وسلم يحب الحسن بن علي رضي الله عنهما، الذي هو ابن بنته فاطمة وأحب بناته إليه، لم يحمله حبه إياه، وهما في الطريق، عندما تناول تمرة، وهو صبي صغير، أن يأمره بإخراجها من فمه خوفاً أن تكون من تمر الصدقة، وهي تمرة والصبي صغير والتمرة على قارعة الطريق، إنها التربية على احترام نصوص الشارع، وترك ما لا يحق لنا أخذه أو تناوله، وحتى وإن كنت صغيراً وفقيراً وجائعاً، فلابد من الاعتدال في نظرتنا لأولادنا وتربيتهم على الثقة بالنفس لا الغرور، والصدق والوضوح لا الكذب والتلوّن، والجدّية والحزم لا السخرية وعدم المبالاة، وتربيتهم على الشجاعة لا التهوّر والاستهزاء، على تحمُّل المسؤولية لا الاعتماد علينا والآخرين، وعلى قول الحق لا المراوغة والخديعة، ثم إني أتوجّه للمعلمين فأقول أولادنا أمانه في أعناقكم، فاتقوا الله في هذه الأمانة
ومن الأمانة:
1- النُّصح لهم وإرشادهم, ومحبه الخير والتفوّق لهم, كما تحبونه لأولادكم من أصلابكم.
2- الحيلولة بينهم وبين المخالفات السلوكية أياً كانت في المدرسة أو ما حولها، أو ما تتطلعون عليه أو ينقل لكم.
3- التواصل مع الآباء وتبليغهم بما تلاحظونه عليهم.
4- عدم تمكينهم من الغش في الامتحانات، خوفاً من الله وخوفاً على مستقبلهم، وأن لا يكونوا جيلاً هشاً ضعيفاً على غير أساس.
5- متابعتهم بعد كل فترة زمنية أثناء الاختبارات وعند خروجهم، لأنها أيام صعبة، وشياطين الأنس في هذه الفترة ينتشرون.
وعلى الآباء:
1 - التواصل مع المدرسة ومديرها والمرشد وزملائه بالزيارة الدورية.
2 - إعطاء المدير وزملائه، الصلاحية الكاملة في تأديب الولد وعدم الحيلولة بينهم وبين ذلك.
3 - المحافظة على الولد من رفقاء السوء، وأصحاب المخدرات خاصة يومي الخميس والجمعة وأيام الاختبارات.
4 - نحذّره من التفحيط أو الذهاب مع مفحط، أو مشاهدة ما يفعل ذلك، وبيان مخاطرها.
5 - حثه على الصلوات، وخاصة صلاة الصبح.
الله أسأل أن يصلح أولادنا وأولاد المسلمين,,,
- المدير العام المساعد لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة القصيم