السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
لفت انتباهي في جريدة الجزيرة العدد 14701 ما رسمه الأخ الماضي، الذي يظهر فيه صاحب منشأة صغيرة، يحتضن صخرة كبيرة، كتب على أحد جوانبها، قرارات وزارة العمل. رسم معبِّر؛ فما زالت الجهود المبذولة للسعودة تراوح مكانها، على الرغم مما تحظى به من عناية واهتمام. ويكمن السبب في الكيفية التي تتبعها وزارة العمل في معالجة موضوع السعودة. يجب أن تشارك جهات أخرى في وضع الحلول المناسبة للسعودة. لا بد من الاستعانة بالاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين والاقتصاديين، وغيرهم ممن لهم علاقة بالسعودة، ومن ثم وضع خطط واقعية، ولا يُستعجل في تنفيذها، فالمثل الصائب يقول (بطيء لكنه أكيد المفعول)، وهذا ما ينبغي أن تأخذ به وزارة العمل في سعيها للسعودة. أما الاستعجال واتخاذ مثل تلك القرارات المتوالية، وكل قرار أضعف من الذي قبله، في معالجة موضوع السعودة، فتوجه خاطئ.
والقرار الأخير الذي تبنته الوزارة، والذي تهدف من خلاله إلى أن يشغل المواطنون المهن الحرفية والمهنية كافة.. قرار له آثار سلبية خطيرة؛ إذ إن أبناء الوطن في حال الإصرار على تطبيقه سيتحولون إلى أميين، فالأعمال المراد شغلها لا تحتاج لكثير علم ومعرفة، فهل يعقل هذا ونحن نعيش في عصر التقدم العلمي والتقني، وهذه الجامعات والكليات المنتشرة في مناطق المملكة ومحافظاتها كافة؟ متى يتم التفكير في مثل هذا التوجه؟ واعتباره حلاً مقبولاً يكون عندما تشغل الأعمال والمهن كافة، التي تحتاج إلى مؤهلات علمية عالية، بأبناء الوطن. أما الآن فلا. هل تريد منا وزارة العمل أن نعود سيرتنا الأولى، من ضعف التحصيل العلمي والمعرفي؟..
إن موضوع السعودة يجب أن لا تتحمل الوزارة تبعاته وحدها؛ فقطاعات التعليم المختلفة تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية، وبخاصة قطاع التعليم العالي الذي يجب عليه وضع الخطط والاستراتيجيات التي بموجبها يتمكن أبناء الوطن من شغل المهن الطبية والهندسية والتقنية العالية كافة.. كما أن السعودة إذا أريد لها أن تحقق أهدافها فيجب أن تطبق على الشركات والمؤسسات الأكثر دخلاً، ومن ثم الأقل، فالتي أرباحها تحسب بآلاف الملايين هي التي في استطاعتها استيعاب طالبي العمل، ودفع رواتب مغرية ومجزية لهم، بينما التي أرباحها تعد بالمئات أو آحاد الآلاف فلا يمكن أن تلبي رغبات طالبي العمل، وفي النهاية لا المواطن العاطل نعم بالوظيفة ولا صاحب المنشأة الصغيرة وفى بشروط وزارة العمل، والعاقبة شباب عاطل ومنشآت صغيرة أغلقت أبوابها.
محمد بن فيصل الفيصل - المجمعة