|
المجموعة القصصية «ودونها رماد يحترق» تأليف أ. عبدالرحمن السلطان الصادرة عن النادي الأدبي بالرياض.. تضم قصص: يوم كفن متحرك.. للنفس قسوة أخرى.. صديقي وداعاً.. الصيدلانية هند.. عائد إليها.. قهوة سوداء في عتمة الليل.. ودونها رماد يحترق.. بتلة واحدة ولكن..
ويقول القاص في إحدى قصص المجموعة: هواء بارد يكتسح المكان، هزير ريح يتسكع في طرقات مقفرة، أشجار تبدو كأشباح من زمن قديم، ذواياتها الضخمة تكللني، ها قد انتصف الليل وتوارى القمر ولم يعد مكان في كبد السماء، ظلام دامس يلفني.. كم هو ثقيل هذا الصمت! لا أدري لماذا أفقت في تلك الساعة بالذات!
ساعة لم أعتد الإفاقة فيها، ولكن يبدو أنه ذلك الحلم الحقير الذي أصبح يكدر مزاجي ويفسد نومي.
وقفت أمام ذلك المقهى الذي لا يغلق أبوابه إلا مع بزوغ خيوط الفجر الأولى.. وجدته هناك.. دائما ما كنت أجده.. كان متفرداً حزيناً لا يُرى في النهار أبداً فإذا غشى الليل مشى متسللا بإزاء الجدران يسرع الخطى لينزوي كحشرة تافهة داخل هذا المقهى الوضيع، يجلس في زاوية لم يكن يغيرها قط، لا أدري لماذا أرعدت فجأة، أدركت كم هذا الرجل وحيد!
اخترت منضدة لشخصين فقد كنا اثنين أنا وحزني القادم، يسلم رأسه إلى كفيه فلا ترى ملامحه القاتمة إلا عندما يطلب كوبا آخر من القهوة.. في بعض الأحيان كنت أراه يدخن ولكن بدون شراهة، ألاحظ صفار وجهه كأوراق خريف صفراء ترحل ولا تعود.