|
كثر في العصر الحديث، الحديث عن البدعة وتشعبت السبل وتضاربت الأقوال لماذا؟ أقول لأنّ المقدمة ما صحت فإذا صحت المقدمة صحت النتيجة، وإذا لم تصح المقدمة لم تصح النتيجة، ولهذا فإنّ الذين كتبوا عن النتيجة لم يحققوا في المقدمة، فإذا علمنا أنّ النهي جاء عاماً بمعنى أنّ كل بدعة تقدمه ضلالة نتيجة وكل ضلالة مقدمة في النار نتيجة، فجاء تقسيم البدعة متأخراً فهل التقسيم هذا هو اجتهاد في النص أو اجتهاد مع النص، فإن كان في النص فلا بأس وإن كان مع النص ويؤكد ذلك ((كل)) في سياق العموم، حيث لم يرد في السنّة استثناء ((بإلاّ)).
2- هناك إشكال يرد على الكاتبين في البدعة من المتأخرين ينبني على خلاف السلف، حيث يخلط بعض الكاتبين بين المصالح وبين البدعة، فهل جمع المصحف وبناء القناطر ... الخ من المصالح أو من البدع ؟
فمن يقول بأنّ هذه من المصالح يقول بالمصالح كالمالكية والحنابلة، أمّا الشافعية فإنهم لا يقولون بالمصالح.
3- وكذلك الذين يقولون بالمصالح يقولون كذلك بالاستحسان، وهذا يقول به المالكية والحنفية والحنابلة : أمّا الشافعية فإنهم لا يرون القول بالاستحسان، بل شدّد الشافعي النكير على من يقول به، حتى قال في معرض الإنكار والتشنيع ((من استحسن فقد شرّع))، بمعنى أنه أتى بشرع من عنده، ومن أمثلة الاستحسان عند الحنابلة شراء المصحف، فإنهم يمنعون بيعه ويستحسنون شراءه، فيأثم من باعه ويؤجر من اشتراه .. انظر المدخل لبدران باب الاستحسان.
4- هل ما يفعله الصحابة عصر النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقرهم عليه هل يسمّى بدعة حسنة أم أنه من السنّة التقريرية ؟
5- هل عمل الصحابة أو اجتهاداتهم من بعده صلى الله عليه وسلم يسمّى بدعة أم أنه من السنّة، ثم ألسنا مأمورين باتّباعهم إذا عدم النص عنه صلى الله عليه وسلم.
6- ثم ما هو الضابط للحسنة من الضلالة ولأنّ الذين خرجوا على أهل السنّة والجماعة خرجوا ببدع استحسنوها، فكيف نضبط هذه من تلك، فهناك عباد ونسّاك خرجوا على الأمة بسبب البدعة الحسنة كما يقولون، وعلى خلافهم من يعتبرون كل شيء بدعة حتى العادات.
7- أليس كلمة ((بدعة)) تنفر منها النفس السوية وغير السوية.
8- فلو كتبت لأحد العلماء إلى حضرة العالم العلاّمة المبتدع ((بدعة حسنة)) سلّمه الله .. الخ هل يرضى هذا العالم بأن يوصف بأنه مبتدع أم أنه يعدّه تعريضاً به وتشهيراً ؟
9- ثم إنّ العالم الفطن إذا اجتهد وأداه اجتهاده إلى أمر ما فهل يرضى بأن يسمّى هذا بدعة؟
هذه أسئلة أطرحها على كل من كتب عن البدعة أو قدّم للبدعة وإلى كبار العلماء في السعودية وإلى المجامع الفقهية في كل مكان، فالأمر ليس بالهيّن {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} .. هذا والله من وراء القصد.
- الأحساء