أتابع أحياناً قناة العالم الإيرانية، وهي الذراع الإعلامي الناطق بالعربية التابع للمرشد الأعلى وتدار من ممرات الخارجية الإيرانية بل هي عبء آخر تدفع كامل مصاريفه الدولة الإيرانية، لذلك فلا تجد في بثها أية إعلانات تجارية.
هذه القناة التي تتخذ من طهران مقراً لها انطلقت سنة 2003م، وكان هدفها منذ انطلاقتها وحتى يومنا هذا إثارة القلاقل والفتن وزرع الأوهام داخل دول مجلس التعاون الخليجي العربي، دولة بعد أخرى، بشعار مزعوم عن التحرر والمقاومة ومخالفة النظام العالمي الجديد.
عند كل ما سبق وغيره اضطرت دول العالم لإيقاف بث هذه القناة على قمري نايل سات وعرب سات وقمر اتلانتك بيرد (2)، فيما قامت شركة يوتل سات بإيقاف بث هذه القناة (الطائفية) بناء على طلب من الاتحاد الأوروبي، ويتناوب على تقديم برامج وأخبار القناة مجموعة من اللبنانيين والإيرانيين والسوريين من ذات (الطائفة) الإستراتيجية.
كل المراقبين والمتابعين لسير هذه القناة يؤكدون أنها تزيد من وتيرة هجومها وتدخلها السافر في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربي، وتساعد يوماً بعد آخر على الاصطفاف الطائفي بطريقة تستحق وقفة صادقة ضد القناة حتى لا تصل إلى مبتغاها.
ليست السعودية وحدها من طالها (أذى) القناة، بل إن البحرين تعاني اليوم من تكثيف يومي لبرامج (العالم) وأخبارها، وكذلك الحال مع الإمارات العربية المتحدة واليمن ومصر، وبقية دول الخليج العربي.
لا غرابة أن تسارع إيران ومن خلفها (أذنابها) بنفي هذه الاتهامات، وأن تعتبرها انتهاكاً لحقوقها في إبداء الرأي فهي للأسف لم تستطع مع (استكلاب) ساستها التفريق بين الرأي المنضبط وقلة الأدب، والمراهقة السياسية.
في بداية الربيع العربي باركت قناة العالم هذه الثورات ووصفتها بالمد الإسلامي ضد طغيان الإمبريالية، لكنه حين وصل إلى حلفائها، وصفته بالمخطط الصهيوني الذي يريد تقسيم المنطقة، وهي بذلك تكيل بمكيالين غبيين أضحك عليها المتابعين.
قبل عدة سنوات اتهمت إيران قناة (الجزيرة) والعربية بالتحريض على الاضطرابات التي شهدتها مدينة (الأهواز) ذات الأغلبية السنية وقررت حينها تعليق أنشطة القناة في طهران إلى إشعار آخر، لكنها اليوم تكيل بذات المكيالين وترى بعين (عوراء) فما تركت شاردة ولا واردة إلا ونفخت فيها نار الفتنة، وأنا على يقين أن جلّ ما يحدث في البحرين، ودول أخرى هو بأوامر تصدر من طهران أن افعلوا كذا وقولوا كذا.. وشاهدوا مداخلات البعض المضحكة المخجلة ليساعدوا في بث سم إيران على بلدهم دون أدنى كرامة لديهم، حين باعوا وطنهم من أجل كهنة طهران.
قناة العالم وبحكم متابعتي أحياناً لها، تمارس الاستهبال والتذاكي بطريقة (فجة) وهي بلاشك تمارس (تقية) في خطابها الإعلامي، خاصة وهي تحاول إقناعنا أن الإسلام يعلق آماله على رؤية طهران للإسلام الصحيح.
قناة العالم تخدع المشاهدين، وتتهم دولاً بالديكتاتورية والقمع وزج المعارضين في السجون، وهي نسيت أو تناست أنها (سيدة) الديكتاتورية والحكم الأحادي والانفراد بالسلطة والتحكم في (أنفاس) الشعب الإيراني المغلوب على أمره، متجاهلة الثورة الخضراء التي راح ضحيتها أبرياء، وغيبوا في أتون السجون.
في بداية الأحداث البحرينية شوهدت بكثافة أعلام إيرانية وصور لمرشدهم الأعلى وأمين حزب الله وشعاره وبعد اكتشاف ذلك أمرت إيران (أذنابها) بعدم رفعها مجدداً حتى تنفي عن نفسها تهمة التدخل في شؤون البحرين، ولكنها ما زالت تفعل ذات الشيء عبر قناتها.
تنسى السياسة الإيرانية أنها منعت شعبها من أبسط حقوقه المدنية، وفصلته عن العالم، وحاولت وتحاول أن تجعله يدور فقط حول فلكها، ولعل فضيحة ترجمة كلمة الرئيس المصري محمد مرسي في طهران قبل شهرين أكبر دليل على حديثي، وأن الإعلام الايراني يكذب ويكذب ويكذب.
وبالعودة إلى قناة العالم الإيرانية فإن نفي الخارجية الإيرانية تدخل قناتها في الشأن السعودي والبحريني والخليجي فإن تسجيل يوم واحد فقط من بثها اليومي يعطي سبباً كافياً للمطالبة بإيقافها ومنع دخول مراسليها وملاحقة القناة قضائياً.
m.alqahtani@al-jazirah.com.satwitter: @mohadqahtani