بالأمس وأنا أشاهد الرئيس الأفغاني حامد كرازاي يفاوض الأمريكان أو يفاوضونه لا فرق وهو يرتدي جبته الخضراء الفاخرة وقبعته الرمادية الجميلة التي لا تشبه الطاقية ولا « البوريهة « العسكرية ولكن هذه الأزياء الخاصة التي لا تشبه أزياء أخرى هي كما أعتقد أنها الزي الشعبي لأهل بلاد الأفغان ولذا أحييه من القلب كله على تمسكه بتراثه الوطني الشعبي لأنه ليس مثل بعض الحكام الذين يخلعون زيهم الوطني ويرتدون الزي الأوروبي» بدلة وقميص وكرفته» لإرضاء ذوق حكام الغرب لدى أي زيارة أو مفاوضات تحدث في بلادهم أي بلاد الغرب حتى لو كان الحاكم مكرشاً تفضح البدلة الأوروبية جسمه المترهل والمتراكم بالشحوم لدرجة يحسبه المشاهد أنه «يدحرج» كرشه أمامه وهو يسير حاسر الرأس « أصلعه « كالنسر الأمريكي وأذناه غائرتان خلف أوداجه المنتفخة ما علينا من ذلك كله، ولكن الذي علينا هو الأمريكان الذين في اجتياحهم لبعض البلدان كالعراق وأفغانستان بحجة تخليصهما من الديكتاتورية والتطرف والجهل وتقديم الحرية والديمقراطية لتلك البلدان على طبق من ذهب وحتى لا نتحامل على أمريكا «أم تمثال الحرية « فإنه حقاً كان في هذين البلدين ديكتاتورية وتطرف ولكن أمريكا حينما جاءت لهذا الهدف الذي كان يبدو جديراً بالاحترام إلا إن معالجتها لهاتين الحالتين تشبه ذلك «الدب» والدب هذا ليس له علاقة بالدب الروسي بل بالدب الحقيقي - أي الحيوان الدب - الذي كان يحرس صاحبه بحرص شديد وفيما كان صاحبه يغط في النوم وقعت ذبابة على أنفه فماكان من الدب المخلص أو بالأحرى « المخلص «إلا أن حمل صخرة كبيرة وأهوى بها على الذبابة التي كانت تحط على أنف صاحبه النائم وبالطبع وبسبب تدبير الدب تهشم رأس صاحبه وبالطبع حين يتهشم الرأس يموت الجسد كله لذلك حينما مات صاحب الدب شعر الدب بالخطأ الفادح، وهنا أخذ يفكر ملياً ماذا يفعل بجثة صاحبه ولكنه استدرك بذكائه المعهود ان جحا أولى بلحم ثوره لذلك راح ينهش لحم صاحبه ميتاً وهذا بالضبط ما فعلته أمريكا بالبلدين والتي هشمت فيهما الرأس - أي الرئاسة - السابقة وشلت البنية التحتية فيهما ورغم مكوثها الطويل لم تصلح شيئاً مما دمرته وها هي ترحل عن أفغانستان كما رحلت من العراق ولكن كما يقول المثل «بعد خراب البصرة» ونضيف هنا وبغداد أيضاً وكذلك كابل.