«التوثيق الأسري.. أسرة آل ماضي الوائلية» عنوان كتاب صدر حديثاً من تأليف الشيخ الوجيه عبدالله بن عبدالمحسن الماضي، صدر في طبعته الأولى سنة 1433هـ، يقع في 142 صفحة، خرج بطبعة قشيبة ذات لمسات إخراجية جميلة.. وبعيداً عن الجمال الفني والشكلي للكتاب؛ فإن ما استوقفني هو مضمون الكتاب، ونوع المعلومات، وطريقة عرضها التي لم أرَ أحداً سبقه إليها على الرغم من كثرة ما قرأته من الكتب المتعلقة بتوثيق أنساب الأسر والقبائل. فقد أبدع المؤلف في توثيق تاريخ أسرته وتتبع أعلامها، وحصر رجالها ونسائها بطريقة علمية غير مسبوقة. ولا أرى أن سعادة الأستاذ عبدالله بن سعد المزروع محافظ محافظة بلجرشي -سابقاً- جانب الحقيقة عندما قال في تقديمه للكتاب: «هذا التوثيق الأسري لأسرة آل ماضي الوائلية إضمامة من تلك المشاعر النبيلة، كتبه بدافع الرغبة الصادقة في التواصل والتراحم والتعاون على البر والتقوى. وقد جاء الكتاب شاملاً وموثقاً لكل ما يتعلق بأسرة آل ماضي الكريمة تاريخاً ضارباً في أعماق الزمن وتوثيقاً لمواقفها المشرفة.. وقد دعم معلومات الكتاب بوثائق وأرقام وتواريخ دقيقة». انتهى ما اخترناه من كلامه. أقول: بالفعل لقد أجاد المؤلف في توثيق صفحات مهمة من تاريخ أسرته وأعلامها، صفحات كادت أن تكون في طي الاندثار والنسيان لرجال ونساء رحلوا ورحلت معهم أخبارهم، حتى لا يكاد الأحفاد يحفظون منها إلاّ قليلاً هو في طريقه للتلاشي والاضمحلال!
إنه من السهل أن يؤلف الباحث كتاباً عن أسرته ويحشد ما يحفظه أبناؤها من مرويات تاريخية وأدبية لا تخلو من طغيان النرجسية الذاتية، لكن عبدالله الماضي قدم أنموذجاً للكتابة الأسرية الوثائقية بشيء من الأسلوب السهل الممتنع، إذ نجح في توظيف وثائق الأسرة ورَبْطها رَبْطاً تاريخياً منطقياً مع الإشارات المدونة في مصادر تاريخ نجد، بصورة زادت من سلاسة الكتاب ومصداقيته، وجعلت القارئ الضليع بمعرفة الأنساب ومنهج الكتابة فيها لا يملك إلاّ أن يحترم الكاتب ومنهجه.
كما يشكر للمؤلف حسن استعماله للمشجرات والجداول الأسرية، فقد وظف المشجرات الأسرية بطريقة تسهل على القارئ تتبع تسلسل الجدود وتفرعات الأسر في الصفحات: 34 وص68-69، وص126-140، إضافة إلى ذلك فقد أورد المؤلف ترجمات أو تعريفات مختصرة لأفراد الأسرة المتقدمين والمعاصرين، وبلغ من ترجم لهم 128 شخصية. كما ختم الكتاب بإحصائية دقيقة لعدد أفراد الأسرة الأحياء ذكوراً وإناثاً.. ومن المزايا أيضاً ذكر أسماء الإناث، وهذا إنصاف لشقائق الرجال اللاتي هن جداتنا وأمهاتنا وأخواتنا، وهذا سبق يسجل للمؤلف.
ومع أن الكتاب لا يتضمن إلاّ ثمان وثائق فقط؛ إلاّ أن المؤلف وفق في اختيارها وتوظيفها توظيفاً بحثياً يخدم فكرة الكتاب وموضوعه. ولعل أحد المآخذ القليلة على المؤلف هو إقلاله من إيراد الوثائق المتعلقة بأسرته، مع التأكيد على أن بحوزته الكثير منها.