أعتقد أنه سؤال مشروع، وقد يكون لدى الرقاة جواباً من خلال ما يمر بهم من تلبس، أعرف أن هناك جن نصارى ويهود وأيضاً بوذيين ولا دينيين، ولكنني أسأل عن الجن الخواجات.

لم أطلع على دراسة تتحدث عن هذا الموضوع تحديداً، ولكنني اطلعت على آراء كثيرة تتحدث (ساخرة)عن التلبس وتشير إلى أن الغرب لا يعانون من مشكلة التلبس ! وهذا قول لا يستند على حقيقة، وإنما ظن وظن هؤلاء غير مصيب، فالذي نعرفه أن المصحات النفسية في الغرب أكثر منها في بلاد العرب والمسلمين وقد يكون جزء كبير منه هؤلاء المرضى مصابون بمس.

ومثل الجن العين، وفي هذا السياق يقول أحدهم (ساخراً) لماذا الجيوش العربية لا توظف من عُرف بقوة قذيفة عينه ليلهب النار في طائرات وبارجات الأعداء؟

قضايا إيمانية الخوض فيها قد يجر الإنسان إلى قضية الشك واليقين في مسألة صحة نص شرعي ثابت الدلالة، وقد يكون ذلك الشك فيه تكذيب بآية قرآنية أو حديث نبوي شريف، وهذا خطر كبير.

مقدمة فقط رأيت من المستحسن أن أستفتح بها هذا المقال الذي سيطلق عليه الأصدقاء مقال (الجني) وحتى تتجلى حقيقة مقصدي فإن ما أعنيه المصطلح وليس الحقيقة، فمما هو متداول بين السعوديين وبين أهل نجد تحديداً إطلاق كلمة (جني) على كل من أتى بشيء ملفت مبهر، فيقولون عندما يسمعون عن إنجاز شخص ما (والله إنه جني) !! إذاً الجني هنا هو المبتكر أو المخترع أو العبقري إلى آخر المنجزين الأفذاذ.

مؤسسات الموهبة والإبداع في العالم والتي لدينا واحدة منها يختلف المجانين المنتسبين اليها من دولة إلى أخرى، كما يختلف تقدير هذه المؤسسات وهذه الدول لهؤلاء الكوكبة المجنونة، دخل علي في مكتبي يوماً أستاذ جامعي مخترع مكفهر الوجه لكونه جاء يبحث عن حل لمشكلته مع اختراعه! يريد الرعاية المالية وهو صفر اليدين، ومؤسسة موهبه لا تدعم، فقد تحولت من رعاية الموهوبين إلى مجرد (تجميع) بعض من لديهم شيء من الموهبة والسفر بهم شرقاً وغرباً !!

عندما يتقدم الإنسان الغربي لأي مؤسسة أو منظمة تعنى بالموهبة والإبداع أياً كان هذا المنجز فإن شركات بلده تتسابق من أجل مشاركته والظفر بما لديه من فكرة لتحويلها إلى مشروع تجاري أو صناعي يعود بالنفع على الجميع، ولذا تجد (مجانينهم) الموهوبين والمبدعين لا يعانون كثيراً، بل إن قضيتهم قضية مفاضلة ليس إلا.

في عالمنا العربي وفي وطني تحديداً، إن تكون مخترعاً أو مبدعاً أو موهوباً لا يعني أنك وضعت قدمك على أول درجات سلم الشهرة والثراء مهما كان مخترعك !! بل قد تكون وضعت قدمك على أول مشوار طويل قد لا يكون له نهاية، وقد تكون نهايته مؤلمة.

أتذكر برنامج (التجار) الذي عٌرض على القناة الأولى لدورة واحدة، وهو بالمناسبة مستنسخ من برنامج أمريكي ناجح، أقول إن هذا البرنامج كشف لنا مدى العناء الذي يكابده كل صاحب إبداع أو اختراع صغر أو كبر, وشاهدنا جانباً مظلماً لدى رجال الأعمال، مع أنهم كانوا يمارسون أعلى درجات التجمل كونهم في مواجهة كل المواطنين.

(جني) الوطن ليس بحاجة إلى شاهدة وخبر صحفي ولا إلى مقابلة متلفزة أيضاً، هو في حاجة ماسة إلى مؤسسة رعاية حقيقية يقوم عليها بعض من عانوا وخاضوا غمار عناء التجربة، وذلك من أجل أن يستطيعوا أن يزاحموا شباب العالم ويحتلوا مكاناً متقدماً.

إنني على يقين تام ويشاركني كل من حاورته حول هذا الموضوع أننا لن نتقدم في مجال الاختراع، ولن يكون لشبابنا مكان بين شباب العالم ما دام الهم الأكبر للمؤسسة المعنية بالإبداع هو حضور المعارض والمهرجانات الدولية دون رعاية حقيقية للمخترع وتذليل كل السبل من أجل أن يحقق هذا الشاب أو الشابة الهدف الحقيقي وهو أن يرى ابتكاره أو مخترعه حقيقة ملموسة لا مجرد خبر وورق ومن ثم تهميش!!

إن مسؤولية بناء الوطن فكرياً وعلمياً مسؤولية كبيرة لا يمكن أن يقوم بها إلا أفذاذ الرجال ومن عرفوا بالإنجاز, ولا تجوز المجاملة في هذا الأمر بتاتاً.

موضوع أطرحه اليوم ونحن نبدأ مرحلة جديدة من العطاء الأبوي من قائد المسيرة بإعلانه هذه الميزانية الأكبر في تاريخ بلادنا العزيزة والتي أفرحتنا بأرقامها ولكن ما أفرحنا أكثر تحدث والدنا إلينا مباشرة واطمئنانا على صحته الغالية.

والله المستعان،,