يقسم عـلماء البلاغـة المحسنات البديعية إلى قسمين (محسنات معنوية / محسنات لفظية) ومن المحسنات المعنوية الطباق: الجمع بين الشيء وضده في الكلام. يسود شعور (الحب / البغض) في منطقة الشرق الأوسط وآسيا وأماكن أخرى من العالم تجاه الولايات المتحدة الأمريكية (أمريكا). تجد كثير من شباب الإسلام يلبسون بنطلون الجينز الأمريكي الشهير (ليفايز) وينطلقون في الشوارع والميادين يصرخون الموت لأمريكا، وبعد انقشاع نوبة الجنون وبعيدا عن الكاميرات، تبدأ مختلف التيارات الشعبية بالتناحر على الفوز بالسلطة على حساب التضحية بنعمة الأمن والاستقرار، جعلت الشباب الطموح يصطف في طوابير الانتظار أمام أبواب السفارات الغربية في أمل الحصول على تأشيرة هجرة أو دراسة. الازدراء الذي يحمله شيوخ الشباب المسلم للعالم الغربي شكل نمط العلاقة بين الشباب المسلم والديمقراطية الغربية والمرأة والحضارة والأديان والحرية والتقنية. فنما في قلوبهم (الحب / البغض) لأمريكا، ولكن لغة الخطاب لدى شيوخ الشباب من المسلمين، عملت على رسم صورة مضللة في مخيلة الشباب المسلم وتزيين محتواها بالمحسنات البديعية بأن بغض الأمريكان من الإسلام. فمثلا عندما ضرب الإعصار (ساندي) الشاطئ الغربي الأمريكي وتسبب بدمار هائل في المدن المطلة على الشاطئ، ظهر (الحب / البغض) واضحا في الإنقسام النصفي بين شباب المسلمين؛ أحدهما يدعو بالهلاك على الأمريكان والآخر يدعو بالسلامة لهم لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده؛ وسبب التباين في اختيار شباب المسلمين لهذا الدعاء أو ذاك مرده إلى التكوين الشخصي؛ فمن تغلب على شخصيته صفات المحبة والتسامح، اختار حب الأمريكان والدعاء لهم بالهداية؛ ومن تغلب على شخصيته صفات الكراهية ونبذ الآخر اختار بغض الأمريكان والدعاء عليهم بالهلاك؛ فأي من هذه الصفات غالبا، يجعل صاحبها يختار أحد الدعاءين دون الآخر.
الخلاصة:
الأغلبية الساحقة من المسلمين ومنذ نعومة أظفاره اكتسب القدرة الفائقة على التسليم بالتناقض المفرط فتعطلت في شخصيته ملكة التساؤل. يحسن بنا الاعتراف بأن مفردات البغض ومترادفاتها ومعانيها تبلغ النصف في لغة خطاب المسلمين مع غير المسلمين، ولكن هناك مؤشرات على أرض الواقع تفيد أن لغة التشدد والبغض مهما كانت بليغة تفتقر إلى إعجاب السواد الأعظم من جيل تقنية المعلومات، وينحصر جمهورها المأسور بمحسناتها البديعية على قليل من الاتباع الصامتين يحملون صفة الكراهية في التركيب الباطني لشخصياتهم. والكراهية لم تحقق أي إنجاز للأمة الإسلامية ولن تحقق لها إنجاز في المستقبل، وآن الأوان للاستنكار والتصريح بكراهية الألفاظ الدالة على الكراهية والتحذير من الوقوع في تطبيقاتها الخاطئة، وعلى المسلمين الإدراك أنهم اليوم في عصر الحوار بين الحضارات واتباع الديانات، وأن التخلص من نزعة الكراهية يقتضي إشهار المودة والمحبة في لغة الخطاب مع غير المسلمين.
khalid.alheji@gmail.comTwitter@khalialheji