انتخاب الجمعية العمومية و مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم تعد خطوة تاريخية في رياضتنا ولدت من رحم « الديموقراطية» ولضمان نجاحها يجب الفصل بين سلطات النظام السياسي الثلاث(التنفيذية والتشريعية والقضائية).
و أن الفصل بين السلطات الثلاث كفيل بتحقيق «النزاهة» و يقضي على سيطرة جهة ما على السلطة المطلقة والتي كانت تعاني مهنا رياضتنا في فترات ماضية .
و يجب على السلطات الثلاث احترام كل منها للاختصاصات الوظيفية المنوطة بالسلطة الأخرى وفقا للوائح القانونية المعتمدة من الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا.
من المفترض يساعد هذا النظام على بناء النزاهة الرياضية الذي يقوم على توسيع قاعدة المحاسبة الأفقية إلى الحد الذي لا تعود القوة في يد سلطة واحدة، ويصبح كل من يشغل منصبا عاما مسؤولا عن عمله على نحو منفصل في حلقة متصلة.
لائحة النظام الأساسي للاتحاد السعودي لكرة القدم المعتمدة من الفيفا «المعدلة بتاريخ 19/ 12/ 1433هـ» تنص :
-الجمعية العمومية : السلطة التشريعية العليا لاتحاد العربي السعودي لكرة القدم.
-مجلس الإدارة : السلطة التنفيذية لاتحاد العربي السعودي لكرة القدم(مجلس إدارة اتحاد).
-السلطة القضائية: هي لجنة الانضباط ولجنة الاستئناف ولجنة الأخلاق والقيم.
مجلس»عيد» يخالف اللوائح و يهمش العمومية!!
وكما أشرنا بأن تحقيق «النزاهة» تنطلق من الفصل بين السلطات الثلاث لضمان الرقابة و المحاسبة , لكن ما حدث في اجتماع مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم الأخير بإصدار قرارات مصيرية تتعلق بمستقبل رياضتنا لم تراع لائحة النظام الأساسي للاتحاد السعودي لكرة القدم بل هناك خلل إداري «فاضح» بالدمج بين سلطتين التنفيذية و التشريعية , ويعد في علم الإدارة أن الدمج بين السلطات أحد أوجه «الفساد الإداري» و يناقض العمل الديمقراطي , وكما أشرنا بأن الاتحاد هو السلطة التنفيذية للأسف بهذه القرارات همش و تجاهل السلطة التشريعة الجمعية العمومية ؟؟؟!!.
إقالة «ريكارد» غير شرعية !!
وفقاً للائحة النظام الأساسي للاتحاد السعودي لكرة القدم المعتمدة من «الفيفا» أن إقالة ريكارد مدرب المنتخب ليس من صلاحية مجلس الأتحاد «السلطة التنفيذية» بل هي من صلاحية الجمعية العمومية «السلطة التشريعة» و يحق فقط للاتحاد تعيين المدرب و الأجهزة الفنية بالمنتخب وفقاً للمادة الرابعة والثلاثين : صلاحيات مجلس الإدارة تنص الفقرة (9): تعيين المدربين والأجهزة الفنية والإدارية للمنتخبات الوطنية.
قد يتساءل البعض لماذا اللائحة لم تنص في مادة أو فقرة بصلاحية مجلس إدارة الاتحاد بإقالة مدرب المنتخب و الأجهزة الفنية؟؟!!.
السبب واضح هو «الأمور المالية» لأن إقالة المدرب تترتب عليه «شروط جزائية» و يجب قبل القرار موافقة الجهة المسؤولة عن ميزانية الاتحاد فهل مجلس «عيد» هو المسؤول عن الميزانية؟؟!
وفقاً للائحة تنص المادة الثانية والعشرون : صلاحيات الجمعية العمومية , في كل من الفقرات التالية :
6 - مناقشة واعتماد القوائم المالية.
7 - مناقشة واعتماد الميزانية.
9 - تعيين المحاسب القانوني باقتراح من مجلس الإدارة.
هذا المادة و فقراتها تؤكد بأن «الأمور المالية» من صلاحيات السلطة التشريعية الجمعية العمومية وليس من صلاحيات السلطة التنفيذية مجلس إدارة الأتحاد , وكما نعرف بأن قرار إقالة ريكاد مدرب المنتخب سوف يترتب عليه مبالغ مالية كبيرة «الشرط الجزائي» فلماذا اتحاد»عيد» همش و تجاهل الجمعية العمومية في هذا القرار بل خرق اللائحة وأصدر مجلسه قراراً ليس من صلاحياته ؟؟!!.
تصريحات إعلامية وليس مخاطبات رسمية !!
و مما يجعلنا نخشى عواقب قانونية و خيمة من هذا القرار بأن اتحاد «عيد» أعتمد فقط على توفير مبلغ «الشرط الجزائي» من تصريحات إعلامية ولم يوثق هذه التصريحات بأي مخاطبات رسمية لضمان تحقيقها , فالعمل المؤسسي المنظم يعتمد على المخاطبات الرسمية بين الجهات الحكومية فالتصريحات الإعلامية غير ملزمة ولا تدين صاحبها قانونيا , ومما يؤكد عشوائية مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم في هذا الجانب هو البيان الصحفي الصادر من نفس المجلس بعد الاجتماع و جاء ضمنه بالنص :
« حيث قدم مجلس إدارة الاتحاد شكره لسمو الأمير نواف على مبادرته الإعلامية بتكفله بالشرط الجزائي لعقد المدرب الهولندي السيد فرانك رايكارد»؟؟؟!!!.
تأمل هذه السطور وكيف «اتحاد» ننتظر منه قيادة مستقبل رياضتنا إلى بر الأمان يكتفي فقط بتصريحات إعلامية, ولماذا لم يبادر الأستاذ أحمد عيد رئيس الأتحاد السعودي لكرة القدم بمخاطبة صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل الرئيس العام لرعاية الشباب بشأن التأكيد رسمياً بمخاطبات لضمان الالتزام بذلك خطياً ؟؟!!.
تغريدات «نواف» سأبذل جهدي ولن أدفع!!
نحن في «الجزيرة» نقدر مبادرة و شجاعة الأمير نواف بن فيصل على تدخله لحل مشكلة «الشرط الجزائي» بعقد المدرب ريكاد خاصة في ظل العجز المالي بالاتحاد الجديد والديون المترتبة من اتحادات سابقة بالرغم من أن سموه ليس له أي سلطة أو علاقة في قرارات الاتحاد المنتخب والذي تحت مظلة «الفيفا» و تأتي هذه المبادرة من سموه لإدراكه بعجز الاتحاد عن توفير المبلغ المخصص.
مما يجب ذكره أن مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم لم يكتف بتهميش الجمعية العمومية و خرق اللوائح المعتمدة من الفيفا بل أوقع نفسه في «مأزق» قانوني و إداري خطير , فمبلغ «الشرط الجزائي» لن يدفعه الأمير نواف بن فيصل من حسابه الخاص بل سيخاطب الجهات العليا التي تكفلت سابقاً بدفع مبلغ توقيع العقد مع ريكارد و رواتبه , وهذا وفقاً لتغريدات سموه بحسابه الشخصي بتويتر والتي نصها :
** إنه مامصيره وأوضحت أنه من المسؤولية الأدبية كوني كنت رئيسا لاتحاد القدم وقت التوقيع معه أنه لن يتحمل اتحاد القدم أي تبعات جزائية للعقد يتبع.
** وأيضا أوضحت أن لا الرئاسة ولا اتحاد القدم سيتحمل شيئا من العقد وذلك كما أوضحت لعدة أسباب ألخصها بالتالي :
1. إن العقد لم يوقع إلا بعد موافقة من الجهات العليا عليه وعلى قيمته كون المبلغ غير متوفر في ميزانية رعاية الشباب أو اتحاد القدم.
2.إن العقد وقع في الاتحاد السابق فلا يمكن أن يتحمل مسؤوليته اتحاد جديد وبالذات وظروف الاتحاد المالية تحت للدعم.
3.أوضحت أنني سأبذل كل جهد لعدم تحمل ميزانية القدم أي تبعات مالية في حال إنهاء عقده ولم أقل أنني سأسدد المبلغ من حسابي الخاص وعدت ببذل الجهد.
** أخيرا أوضح كون العقد من البداية وإلى وقت إنهائه كان بتمويل خاص من الدولة فإن الأمر رفع للجهات المختصة بالمستجدات والتبعات اللازمة لإنهائه.
انتهت تغريدات الأمير نواف بن فيصل و هي واضحة و صريحة بأنه لن يدفع من حسابه الخاص بل سيحاول و يبذل جهدا مع الجهات ذات العلاقة , ولن يلوم سموه بعد جهده , لكن السؤال ماذا سيفعل مجلس إدارة الأتحاد السعودي لكرة القدم لو رفضت الجهة المعنية من دفع مبلغ «الشرط الجزائي» للمدرب يكارد , أو أبلغتهم بأن الأمر يحتاج للدراسة أو جاء الرد بالرفض وأن الاتحاد هو مسؤول بدفع المبلغ ؟؟؟!!.
هل حينها سيلجأ مجلس «عيد» إلى الجمعية العمومية والتي بيدها «ميزانية الأتحاد» و ماذا سيكون ردة فعل «السلطة التشريعة» والتي همشها و تجاهلها مجلس إدارة الاتحاد ؟؟!!.
تمويه و تضليل و تحايل على الفيفا!!
قد يتسأل البعض هل يعقل أن مجلس اتحادنا يجهل اللوائح و الأنظمة والتي تشرعها «الفيفا» ؟؟!!
بكل تأكيد , لا فالمجلس يضم كفاءات إدارية خبيرة و لا يجهل اللوائح بل تعمد تهميش الجمعية العمومية و حرص على تضليل «الفيفا» حتى لا يقع في «مأزق» قانوني مع الاتحاد الدولي لكرة القدم والدليل هو صيغة قرار إقالة ريكارد والتي كتبت بأسلوب تحايل على اللوائح الرسمية كما جاء في البيان الرسمي:
« تم الاتفاق مع المدرب الهولندي السيد فرانك رايكارد على إنهاء عقده وإحالة العقد إلى مكتب إستشارات قانوني لمعاينة حقوق الطرفين (اتحاد الكرة السعودي والمدرب) المادية والمعنوية المترتبة على إنهاء العقد.»
لماذا لم يعلن اتحاد «عيد» بصريح العبارة أنه تم «إقالة ريكارد»؟؟!!.
و كيف تم الاتفاق على إنهاء العقد و ريكارد لم يحضر ؟؟!!.
أين توقيع اتفاق ريكاد مع الاتحاد بإنهاء العقد , خاصة أن ريكارد لا يرغب في ترك منصبه وحريص على الاستمرار؟؟!!.
الصحف الهولندية تؤكد بقاء ريكارد قبل الاجتماع!!
الهولندي بييري أوفريم وكيل أعمال المدرب فرانك ريكارد كشف كل الحقائق في الصحف الهولندية قبل اجتماع مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم صرح لوسائل الإعلام قائلاً :
« أن المدير الفني للأخضر السعودي الهولندي فرانك ريكارد يرغب في البقاء حتى نهاية عقدة والذي ينتهي بنهاية عام 2013.
مضيفاً أن الخروج من بطولة خليجي 21بالهزيمة أمام المنتخب الكويتي بهدف مقابل لاشيء حفز الإعلام السعودي بالمطالبة بإقالة المدير الفني الهولندي.
وبين بأن ريكارد لا يعرف مستقبله مع المنتخب السعودي حتى الآن وأن أمر بقائه أو رحيله لم يتضح بعد, وأضاف قائلاً تم الاتصال بالاتحاد السعودي لكرة القدم والذي أكد أن قرار الإقالة مجرد إشاعات ومطالب جماهيرية فقط.
وكشف رغبة فرانك ريكارد في قيادة المنتخب السعودي في تصفيات آسيا والتي تنطلق أولى مبارياتها الشهر المقبل أمام المنتخب الصيني. «
وكيل أعمال ريكارد يهدد اتحاد»عيد»!!
تغير الموقف بعد قرار «الإقالة» ولغة الهولندي بييري أوفريم وكيل أعمال المدرب فرانك ريكارد أصبحت أكثر حدة و هو يهدد الاتحاد السعودي لكرة القدم , فلماذا وكيل الأعمال يهدد ألم يشير بيان الاتحاد بأن هناك اتفاقا ؟؟!!.
ولو كان هناك اتفاق فلماذا وصف بييري أوفريم وكيل أعمال المدرب فرانك ريكارد الطريقة التي تعامل بها اتحاد «عيد» مع ملف إقالة ريكارد بغير الاحترافية، و هدد بشكوى للحصول على مبلغ «الشرط الجزائي» إذا لم يسدد الاتحاد السعودي لكرة القدم في الوقت المحدد وفقاً لنص العقد المبرم بين الطرفين؟؟!! .
ملف «ريكاد» يختبر سلطة الجمعية العمومية!!
يبدو أن لعنة «ريكاد» أصابت رياضتنا السعودية بتدهور مستوى منتخبنا فنياً و أزمة مالية و إشعال نار خلاف مرتقبة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بالاتحاد السعودي لكرة القدم ؟؟!!.
لكن قد يكون الحسنة الوحيدة التي كسبناها من ريكاد أنه وضع الجمعية العمومة في اختبار حقيقي حول قدرتها على فرض سلطتها على اتحاد»عيد» ومحاسبته على هذا التهميش و اختراق اللوائح أم تبقى الجمعية العمومية مجرد «سلطة» على ورق لا قيمة لها ؟؟!!.
i.bakri@live.comمبتعث دراسات عليا بالإدارة الرياضية - أمريكا - تويتر @ibrahim_bakri