ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 22/01/2013 Issue 14726 14726 الثلاثاء 10 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

القاعدة الشرعية درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، تدل على أن المفاسد متى ما كانت أكبر من المصالح فإن الواجب دفعها قدر الإمكان، ولا ينظر في تحقيق المصلحة لكونها مغمورة في المفسدة، أما إذا كانت المصلحة أعظم من المفسدة فالقول الراجح هو الإتيان بتلك المصلحة لكون المفسدة مغمورة في تلك المصلحة، وإن تساوت المفاسد والمصالح وهو أمر يكاد يكون متعذراً فقد اختلف فيه العلماء على ثلاثة أقوال:القول الأول: دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة. القول الثاني: إن جلب المصلحة أولى من دفع المفسدة. القول الثالث: التوقف أو بالتخيُّر في كل حالة بحسبها وما يلابسها . نظرا لبساطة الحياة في السابق، استطاع المشرعون الاستدلال على تقدير الفارق بين المفسدة والمصلحة، ولكن بعد الثورات: الصناعية ثم الاتصالات واليوم ننعم بنتاج ثورة المعلومات أصبحت الأعمال والخدمات متشابكة وتوسعت المصالح لتشمل الفرد مع الفرد، أو الفرد مع الجماعة، أو الجماعة مع الجماعة، أو العلاقات المؤسساتية والعلاقات الدولية، أو علاقات المسلمين مع الكفار، وغيرها من العلاقات الأخرى التي يطول حصرها سواء كانت علاقات أحادية أو ثنائية أو متعددة الأقطاب. والمصلحة التي تشير إليها القاعدة الشرعية ليست خالصة وإنما المصلحة الغالبة ويشوبها شيء من المفسدة، وكذلك المفسدة ليست خالصة وإنما المفسدة الغالبة ويشوبها شيء من المصلحة، ما يعني مزيدا من التعقيد لمنظومة الأعمال والخدمات وتداخلها مع بعضها البعض، يجعل التقويم ليس بنفس درجة البساطة التي كان عليه قبل ثورة المعلومات أو خلال القرون الأولى من الإسلام، ولكن عندما نتحدث عن عدد غير محدود من العناصر المؤثرة عندها يظهر عجز العقل البشري في قدرته على التقدير النسبي للمصلحة أو المفسدة. مصالحنا اليوم أصبح يحكمها منظومات معقدة وصلت إلى درجة من التعقيد يحتم استعمال وسائل التحليل الكمي، ليمكننا من الأخذ في الاعتبار الكم الهائل من العناصر المترابطة والمؤثرة في تحديد مقدار هذه المصلحة أو تلك المفسدة، ويعلم الرياضيون أن حسابها سيتطلب معادلات رياضية عالية الدرجة وبالتالي يجب أن تتضافر جهود كل من خبراء تقنية المعلومات والمشرعين الإسلاميين لتصميم منهجية بواسطتها يتم تحديد الوزن الكمي لجميع عناصر المنظومة المراد تقويمها وتصميم برامج حاسوبية لمعالجة التبادل والتكامل بين العناصر وتحديد النسب النهائية . والنتيجة المستهدفة منهذه المنهجية الحصول على نسبة مئوية تعكس مجموع الأوزان التي تمثل العناصر (السالبة والموجبة) الداخلة في تكوين المصلحة، مقارنة مع نسبة مئوية أخرى تعكس مجموع الأوزان التي تمثل العناصر (السالبة والموجبة) الداخلة في تكوين المفسدة، وعندما تكون نسبة المفسدة أعلى من نسبة المصلحة عندها يكون درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة والعكس صحيح، وفي حالة تساوي النسبتين مع بعضهما يكون الخيار بما يحقق المصلحة.

الخلاصة..

الكثير منا يستخدم النسب المئوية على نطاق واسع في حياتنا اليومية كوسيلة توضح حجم الجزء مقارنة مع الكل، النسبه المئوية سهلة الفهم ويسهل تفسير معناها ؛ يجعلها مؤشرا هاما يتعين الاستفادة منه. للتوضيح؛ لنعتبر المواصلات تتكون من عشرة أجزاء، فهناك الحالة الأولى (نقدر) أن قيادة المرأة للسيارة يترتب عليه مصلحه تساوى ستة أجزاء من عشرة، والحالة الثانية (نقدر) ركوبها منفردة مع السائق الأجنبي ينطوي على مفسدة تساوي ستة أجزاء من العشرة؛ فحسب القاعدة الشرعية، تكون نسبة المصلحة المحققة ستين في المائة مقارنة مع ستين في المائة مفسدة أي أنهما متساويتان عندها نأخذ بالخيار الذي يحقق المصلحة. إن التأخر في إدخال تقنية المعلومات لتطبيقات القاعدة الشرعية (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح) سيحرمنا كثير من المصالح التي تمنعنا بساطتنا من إدراك حجمها سوى اعتبارها مغمورة في المفاسد..

khalid.alheji@gmail.com
Twitter@khalialheji

تقدير القاعدة الشرعية بنسبة مئوية
م. خالد إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة