قد يطول التغيير كل شيءٍ.. فلا شيء يدوم على حاله.. حتى ما تتعاهد النفس على الاحتفاظ به واكتنازه قد تأتي آفة فتجتثه وتلقي به.
يجري ذلك أيضاً على ما تكوّن, فالحقيقة قد لا تكون هي الظاهرة, والظاهرة قد لا تكون هي الحقيقة.. وبالتالي يبقى الوهم حاضراً والتصدعات موجودة، ولو رممت تعود بعد فترة لتظهر, فيحدث التغير.
لذا يتكون الشك والحيرة والخوف والريبة مهما توثقت الأشياء، وهو الفخ الذي يقع به من تميل نفسه للآفات فيتشبث برديئها فتشوش عليه حياته فلا يكاد يخلص للشيء الذي به قيمة أو يتكئ على راحة أو ينعم بلذة كاملة أو يتمم أمراً يريده.. كثير من الأمور التي نقع بها ولا تتضح ماهيتها نحاول أن نجد مخارج لفهمها, وهي ما قد تكون بنية نفسية أزلية تطفو على سطح تفكيرنا ومشاعرنا وأطرافنا «وفي منامنا» فنفسرها أحيانا بكيمياء التقارب أو التشابه أو التنافر والتباغض.. وغيرها.
لكن تبقى الحيرة في حقيقة وجودها وإمكانية تكوينها للواقع المعاش، ومن ثم تأويلها وتفعيلها لتصبح واضحة الملامح مقربة لحد احتضانها كقيمة إنسانية، والدفاع عن وجودها والتضحية في سبيلها.
لذا نؤوّلها في الكثير على أنها من خواص الروح التي تبقى مبهمة يصعب تفسيرها, ويستحسن أخذها كما هي وتصديقها.
وهنا تكمن غاية لذتها في أنها مبهمة, عميقة الملامح، غائرة في جسد النفس كالبحر الذي تتقاذفه الأمواج فيخال لمن يخوضه أن لا ساحل له..
فلا يقذفك بملل, ولا ينتهي بك عند غاية, بل يمد في نظرك وتأملك وخيالاتك إلى حيث تغيب الشمس التي لا تدركها.
في أمان الله.