القمة الإسلامية الثانية عشرة التي احتضنتها القاهرة، بدءاً من أمس الأربعاء وتُختتم اليوم، لا تُعد من القمم الاعتيادية التي دأب المسلمون والعرب على عقدها، وبعد أن تُختم يعود كل شيء لسابق عهده.
قمة القاهرة الإسلامية التي تتجه أنظار المسلمين كافة إليها، كونها تُناقش وتبحث عدداً من القضايا الهامة على الصعيدين الدولي والإقليمي تتصدرها الأزمة السورية، والاستيطان الإسرائيلي في فلسطين، والمشاكل التي تُحاصر الأقليات الإسلامية في عدد من الدول، وبالذات الآسيوية والأفريقية وتنامي ما يُسمى بـ الـ (إسلامفوبيا) التي أصبحت ظاهرة في الدول الغربية، وبالذات في أوروبا وأمريكا، كما تكمن أهمية هذا القمة في بحث القضايا التي تمس الدول الإسلامية في المسائل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتعلقة بتعزيز جهود مكافحة الفقر وتحسين الأوضاع المعيشية للمسلمين.
وهكذا فإن الشعوب الإسلامية، وخصوصاً مفكريها والنخب السياسية والثقافية تُطالب القادة باتخاذ قرارات جادة وحاسمة قابلة للتنفيذ، بعيداً عن العبارات العاطفية والإنشائية والبيانات التقليدية كون الأمة الإسلامية تمر بظروف استثنائية بالغة القسوة فقلب الأمة الإسلامية، ونعني به المنطقة العربية يُعاني من فوضى سياسية واقتصادية وحتى معيشية، وبالذات في سوريا ومصر وليبيا وتونس والسودان ومالي التي تشترك مع الدول العربية في حدود طويلة، ما يُؤثر على دول عربية إسلامية كموريتانيا وتونس وليبيا والجزائر إضافة إلى النيجر وبوركينا فاسو، إضافة إلى مالي نفسها، كما أن القضية الفلسطينية لا تزال تواصل إفرازاتها السلبية على المحيط الإقليمي، وتعنُّت حكومة نتنياهو التي يُفترض أن تُواجه بتحرك إسلامي على المحيط الدولي للضغط على هذه الحكومة، وعلى من يدعمها خصوصاً أن دول منظمة التعاون الإسلامي تضم 62 دولة، بعضها لها علاقات دبلوماسية مع الكيان الإسرائيلي.
ولا شك في أن الأزمة السورية تُشكِّل تحدياً كبيراً للدول المشاركة في القمة الإسلامية، أولاً: لأن هذه الأزمة طالت كثيراً ودخلت عامها الثالث، في ظل تزايد سقوط الضحايا وتدمير البنية الأساسية في سوريا، وللأسف أن أطرافاً فاعلة في منظمة التعاون الإسلامية ضالعة في إطالة هذه الأزمة، وبالذات إيران التي لم تكتفِ بالدعم السياسي لأحد أطراف الأزمة وهو النظام السوري، بل تعدت ذلك إلى إرسال الأسلحة والأموال وحتى المقاتلين، وعلى المشاركين في المؤتمر أن يكونوا جادين وحاسمين في الطلب من الإيرانيين أن يكفوا عن تدخلهم السافر في الشأن السوري، مثلما هو دأبهم في التدخل في الشئون العربية في الدول الأخرى.
بيان القاهرة الذي سيصدر اليوم، لا شك أنه سوف يُطالب بتفصيل حل الأزمة السورية ودعم جهود ترسيخ الدولة الفلسطينية وتقديم الدعم المالي لها، إضافة إلى مساندة جهود الأقليات الإسلامية التي تتعرض للاضطهاد، خصوصاً في بورما وتايلند وحتى مالي.
jaser@al-jazirah.com.sa