تستمر بشكل ملفت عملية تدعيم بيت الحكم السعودي، ولا شك أن تعيين صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز نائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء كان حدثا بارزا على الساحة، حيث وضع كرجل ثالث في تراتبية إدارة البلاد والحكم. وكسر الكثير من الحواجز الذهنية غير المبررة أو التوقعات التي تركن إلى التقليد، فالأمير مقرن بن عبدالعزيز أصغر أبناء المؤسس اختير بحكم عمليته وذهنيته الحاضرة ودقته أيضا، وهذا سبب مهم تفوق على العامل الزمني بل وألغاه تماما.
وهنا نحن الآن أمام صورة تحول واضح، حيث ربما سيكون الأمير مقرن، الابن الأصغر للمؤسس آخر الملوك من أبناء الملك عبدالعزيز، وبعده يأتي التحول الطبيعي إلى الجيل التالي، مع تفعيل نظام البيعة وتوسيعه وتحديثه، إضافة إلى إحداث تغييرات متوقعة في طبيعة الجهاز الحكومي التنفيذي وتفعيل أدائه، وفك الارتباط بين الإدارة السياسية والتنفيذية.
شخصيا لا أعرف الأمير مقرن بن عبدالعزيز إلا من خلال ما ينشر في الصحف، وقد بحثت عن معلومات في الإنترنت للكتابة عن الرجل الثالث في تراتبية الحكم، إلا إنني وجدت أخبارا عامة ونبذة شخصية، إلا إنني كنت أبحث عن موضوع مميز أو مثير يلفت القارئ، لكن تذكرت أن الأمير مقرن سبق له وإن كان رئيسا للاستخبارات ومهتما بالعالم الافتراضي، وأول من دفع بالحكومة الإلكترونية حين كان حاكماً لإمارة المدينة، وقد يكون هناك من مسح النت للتأكد من دقة المعلومات ورسميتها أيضاً..!
لكن وجدت زميلنا فهد الأحمدي، قد كتب في الزميلة الرياض مقالا من حلقتين (ما لا تعرفونه عن الأمير مقرن)!
ولأن ابن المدينة كان أقرب، فقد قدّم لنا ملامح مقربة تتجاوز السرد الرسمي، ومنها: (أن الأمير مقرن مثلاً مثقف وواسع الاطلاع وموسوعة متحركة بمعنى الكلمة.. يملك مكتبة هائلة بلغات مختلفة ومواضيع لا تخطر على بال..)
(أيضا يملك سموه معرفة ممتازة بالدول واللغات العالمية الأمر الذي كان يدهش حتى السفراء والقناصل ورؤساء البعثات الذين يتوافدون للمدينة المنورة خلال شهر الحج.. كانوا يتفاجأون ليس فقط بمعرفة سموه الدقيقة بتاريخ بلادهم، بل حتى بمعرفته لأسماء الشوارع والمواقع المميزة فيها (فقد سأل ذات مرة سفير ماليزيا: ماذا حدث للشجرة المعمرة أسفل برج الاتصالات في كوالالمبور، وسأل قنصل سنغافورة عن لوحة النقط السوداء التي تشير لعدد الوفيات، وكم وصل عددها اليوم)!؟
وسمعت أكثر من مرة عن علاقته بعلم الفلك وامتلاكه كم من الكتب والخرائط الفلكية واشتراكه في عدد كبير من الدوريات والمجلات المتخصصة، وامتلاك لتلسكوب كبير، وهو ما أكده الأحمدي.
وبين كل الاهتمامات سرني كثيراً ما ذكره زميلنا “حين يسألني أحد عن أبرز صفات الأمير مقرن أقول بلا تردد: دقة المواعيد. وهو أمر يعني الجدية والمسؤولية والانضباط الشخصي والمهني.
(كان سموه بلا مبالغة أدق من “الساعة السويسرية” لدرجة كنت أنظم مواعيد حضوري قبل دقيقة فقط من تواجده في أي مناسبة.. لا أذكر أنه تأخر يوما عن موعد حضوره للإمارة، في حين قد يمتد دوامه إلى صلاة العصر في المكتب).
والحقيقة أن وجود الأمير مقرن مع هرم القيادة السعودية يمنح تطمينات طويلة الامد على بيت الحكم السعودي وتحديثه وتطويره باستمرار بما يضمن الاستقرار والاستمرارية.
وبالإضافة إلى هذه المعلومات من الزميل الأحمد، فقد وجدت نسخة من فلم سموه المفضل Commanding Heights، وسأبدأ في مشاهدته: وطبعا لن أصدق كل ما جاء فيه..!