لقد فتح لي عالم الإنترنت فضاء، وأعطاني أجنحة جعلتني أتحدى عالم الإعاقة الحركية الذي عانيت منه منذ الطفولة، وأحلق كطائر حر في شتى أنحاء المعمورة. فهاأنذا أنشئ موقعاً إلكترونياً، أتبادل فيه أنا وأصدقاء من مختلف أنحاء البلاد العربية والعالم صداقات بلا حدود، وخبرات لا تحد في مواجهة الإعاقة،
وفي تحويلها من قيد إلى وسام يشير إلى قدرة البشر على تطوير طاقاتهم واكتشاف ملكات لم يكونوا ليكتشفوها في أنفسهم، ويكتشفها فيهم من حولهم لولا نعمة التحدي والصبر. إنني من خلال موقعي صرت أخرج من بيتي في أي وقت أشاء، وأقابل من أشاء، وأخطط لما أشاء من المشاريع والأحلام. وعن طريق الإنترنت استطعت أن أراسل الكثير من المسؤولين، بل والوزراء في بلادي، وأقنعهم بمطالب تُحسن من الظرف المعيشي لأولئك الذين يواجهون تحدي الإعاقة من النساء والرجال. ولهذا فأنا هنا المتحدية حصة أكتب من عالم التحدي، وأدعو أبناء وطني نساء ورجالاً لمواجهة شتى أشكال وأنواع الإعاقات السياسية والاجتماعية والجسدية والفكرية للمضي قدماً نحو حياة كريمة وطنياً وأسرياً وفردياً، وأطالب بأن يكون هناك تمثيل لكل من يواجه تحدي الإعاقة في مؤسسات الدولة والمجتمع، وأوله التمثيل البرلماني في مجلس الشورى. وهذا ليس فقط بترشيح من يمثلنا بالنيابة عنا، وفي هذا كنت أرجح د. فاطمة الخريجي لضلوعها في تجربة تحدي الإعاقة على مستوى مدارس ومعاهد وكليات المملكة، بل أيضاً بوجود من يمثلنا بالأصالة عنا.
المواطنة السعودية حصة بنت عبدالعزيز
* * *
لم أكن أعلم بأنني حامل بطفلنا الثاني عندما أوقع علي يمين الطلاق الثالثة. قال لي إنني إذا لم أقطع زيارتي لأهلي في الرياض وأعود إلى مقر الزوجية ذلك المساء أكون طالقاً. كانت حياتنا لا تخلو من عواصف الأعوام الأولى في التكيف مع واقع الزواج والإنجاب. بالنسبة لي كان التحول من حريات ودلال حياة البنات إلى الحياة الزوجية والأمومة، وبالنسبة له كان التخلي عن طياش الأربعين التي عاش نصفها في الخارج، مع محاولة استرداد هيبة العادات والتقاليد لصورته الجديدة زوجاً وأباً وموظفاً كبيراً بالدولة. لم يكن هناك حجزٌ في تلك الليلة فوقع الطلاق. قبل إتمام إجراءات الطلاق علمت وأعلمته، وكذلك أعلمت القاضي الذي كانت لديه القضية، بحملي، إلا أن المحكمة عندما سلمتني وثيقة الطلاق، وعندما سألت ما الذي يتعين علي فعله في مسألة الأطفال، كان كل ما قيل لي إنه عليَّ أن أعيش في مقر الزوج نفسه، وألا أتزوج بعد انقضاء عدتي بوضع حملي؛ لتحق لي حضانة الأطفال إلى حين بلوغهم سن السابعة، ومن ثم تعود الحضانة لوالدهم وإن كان قد تزوج. ولأنني امرأة محظوظة فقد استأجرت لي أسرتي شقة مفروشة، وتحمل أحد محارمي مشقة الانتقال ليعيش معي ريثما أضع حملي وأرتب أموري بشكل أكثر استقراراً حسب الوضع الجديد. وكل ما يناله طفلاي من (معيشتنا) في مقر والدهما نفسه للسنة الرابعة هو بعض حلوى القطن والآيسكريم التي يشتريها لهما عندما يطلبهما في زيارات متباعدة له. أما أنا فأعيش كوابيس انتزاع أطفالي من حضني في أي لحظة بعد انتهاء سن الحضانة المقرر بسبع سنوات للولد وتسع سنوات للبنت في بلدي. فهل حقاً حضانة الأم لأبنائها تنتهي شرعاً عند بلوغهم سبع سنوات أم أن هناك قراءات فقهية أخرى تراعي أولاً وأخيراً مصلحة الصغار؟ هذا سؤال أوجهه لنا جميعاً، دولة ومجتمعاً، خاصة ذوات وذوي الاختصاص التشريعي، في تذكير ملح بضرورة العمل الشوري الحثيث على استصدار أو على الأقل الشروع في مشروع استصدار مدونة منصفة ومستنيرة للأحوال الشخصية.
المواطنة سارة بنت عبدالله
* * *
بعد مدة من وفاة زوجي رفع عليَّ إخوته الذكور دعوى بضم ابني الوحيد إليهم، وكنت على وشك أن أعقد على واحد من أبناء الحلال الذين تقدموا لي، فعدلت عن الفكرة. ووسطت أهل الخير بيني وبين أعمامه؛ علّهم يسحبون دعواهم خشية أن يأخذوا ابني مني، خاصة أنه لا يزال طفلاً صغيراً في الخامسة من العمر. علماً بأن عمومته قد استحوذوا على جميع ميراث زوجي، ولم يعطوني أو يعطوا الطفل شيئاً منه، إلا أنهم يرسلون لطفلي مبلغاً شهرياً مجزياً لإعالته. وفي دعواهم ضدي لم يذكروا أنهم يريدون سحب ابني مني بسبب نيتي الزواج؛ لأن أمي ستكون حاضنته في هذه الحالة، ولكنهم قالوا إنهم يفعلون ذلك بدعوى حرصهم على تربية الطفل تربية رجولية؛ إذ إنهم - كما ادَّعوا في صحيفة الدعوى - لا يثقون بأن تربي ابنهم الذكر امرأة، وفي أسرته رجال هم الأقدر على تربية الرجال؛ وبالتالي فهم - في رأيهم -أولى بتربية الطفل من أمه. فإلى متى تستمر الوصاية على النساء بل تحت اسم هذه الوصاية ينتزع من أم حق بقاء صغيرها معها بدعاوى قصر الأهلية والرشد على الذكور دون النساء.
شيماء عبدالرحمن
* * *
وضعي لا يختلف كثيراً عن تلك المشكلة المتكررة التي طالما تكتب عنها الصحف، دون أن يكون هناك بادرة حل حقيقي للموضوع. فقد مضى على تخرجي من الجامعة وعملي في أحد القطاعات الحكومية ما يقارب اثني عشر عاماً، إلا أنني ما زلتُ في نظر أسرتي تلك البنت الصغيرة، طالما أنني لم أتزوج؛ وبالتالي فليس لها أن تتصرف بمالها أو بنفسها، بل عليها أن تسلم مرتبها لذكور الأسرة ليشغلوه لها، وليس لها منه إلا مصروف جيبها. خاصة أن الأسرة تكفل لها مستوى معيشياً جيداً. أريد أن أكمل تعليمي بالخارج فلا أستطيع. أفكر في مبادرة عمل تجاري خاص بي فلا أدري من أين أبدأ، وليس لي أدنى خبرة، وما هو نوع العقبات التي ستواجهني؟ هل هي فقط عقبتي مع أسرتي أم هناك عقبات قانونية أو شرعية أخرى؟! لا أدري ولا أعلم مَنْ أستشير، ولكن لعل - السيدات الشوريات كما صرت أقرأ وأسمع - يكون لديهن فانوس علاء الدين، ليس لتحقيق مطالب النساء بصورة سحرية، ولكن لإضاءة تلك الإشكاليات الهامشية التي يعاني منها المجتمع رجالاً ونساء، والبحث في الضوء عن حلول تشريعية لها في الدولة والأسرة والنظام الاجتماعي والسياسي والإداري العام.
أم سلمة بنت عبدالباري
* * *
أنا الآن فيما يسمى عمر الزهور؛ حيث لا يتجاوز عمري التاسعة عشرة، ومع ذلك فإنني لا أرى من هذه الزهور إلا ذبولها اليومي. أعود من عملي مربية أطفال في إحدى الحضانات غير البعيدة عن منزلي بعدما عدم استطاعتي الحصول على مقعد بالجامعة نظراً لارتفاع تكاليف التعليم الجامعي. لا أشعر بغير التعب والإحباط، وكأنني في التسعين. أنظر إلى الأطفال وأقول: إذا كان هذا مستقبلنا؛ حيث لا نجد فرصة لمواصلة التعليم، أو لنعمل عملاً نحبه، فماذا عساه سيكون مستقبلهم؟! وبعد عودتي من العمل ليس من عمل إلا أن (أنسطل) أمام التلفزيون، أقلب الفضائيات، فأقتات على (محبوب العرب) وما شابهه من البرامج، وأحلم ماذا لو كنت أستطيع أن أكون نجمة كواحدة منهن. أشاهد أحياناً بعض البرامج الدينية فأود أيضاً لو أستطيع أن أنضوي كالشباب في بعض منها، إلا أنني في الحقيقة لا أدري إن كنت حقاً أريد أن أنضم لأحدها أو أنني أريد الانتماء، ولا أعرف لمن وبمن وكيف يمكن أن يكون لي انتماء.
ليس هناك مَنْ أتحدث معه في سني إلا شباب أو شابات لست متأكدة من هويتهم على وجه التحديد؛ لأنني لا أعرفهم إلا عن طريق غرف الشات وتويتر والفيس بوك. فلماذا لا يمثل الشباب والشابات في العمل الشوري، أو على الأقل في العمل المدني؛ للتعرف على وجه البلاد الشاب الذي يكاد يختفي خلف أصحاب البشوت أو التجارب والخبرات والألقاب والشهادات أو غيرها من مسميات استبعاد الشباب والشابات، خاصة عن قنوات القرار والفعل في الفضاء الحقيقي، وليس في الفضاء الافتراضي فقط لا غير.
شهد بنت عبدالحليم
* * *
خاتمة أو بداية
هذه عينة صغيرة جداً من بعض شجن النساء، أنقلها بأمانة عن صاحباتها لمن يهمه الأمر من نساء ورجال الوطن، خاصة البرلمانيين والبرلمانيات على وجه التحديد؛ علّها تكون محفزاً لمزيد من فتح الأبواب، وكذلك ما يجري على أرض الواقع وبعض ما يدور في خلد المواطنين والمواطنات.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
Fowziyaat@hotmail.comTwitter: F@abukhalid