تذكّرت هذه الجملة أعلاه وأنا أقرأ بياناً صحفياً لمسئول بدرجة دكتور يشغل منصب مدير عام لقطاع خدمي هام يتعلّق بكافة شرائح المجتمع، والتحديد هنا لا فائدة منه لأنه ليس الهدف المنشود ولأن النفي بات سمة ظاهرة لكثير من مدراء العموم وتتناقص النسبة كلما تدرّج السلّم الوظيفي صعوداً نحو الوكلاء والوزراء؛ إما لأنهم يشعرون بالخجل من النفي المتواصل وهم في هذه المراكز العليا أو أنهم ينيبون عنهم هواة الظهور الإعلامي ولو كان عن طريق النفي حتى بات من شيمهم الوظيفية، وزاد تمرّس بعضهم بالنفي لدرجة بلوغه مرحلة اتهام الصحافة والإعلام بالتقصّد والانتقائية لإدارته وله شخصياً، والجرأة على تقييم مؤسسات ومنشآت إعلامية لا تلمّع صورته أمام ولاة الأمر وينصب نفسه خبيراً إعلامياً في حدود فهمه الأثري القديم المنحصر بالتلميع بالمدح والإطراء وتجديد صورته الشخصية بين فترة وأخرى، ولم يدرك أن القائمين على الإعلام بالمملكة يبارزون الآن كبريات المؤسسات الصحفية والإعلامية العربية، بل (والدولية بمستوى جيد) في مجالات الإعلام الجديد وتقنياته وجذب الطاقات الشابة المؤهلة من الجنسين إلى صروح الصحافة السعودية وهذا بشهادة مؤسسات دولية متخصصة، ويبدو أن بعض المسئولين يميلون للكوميديا الصفراء في بياناتهم النافية جملةً وتفصيلاً، فهذا مدير عام يقول حسب ما نقلته عنه سبق مؤخراً: (قمنا بعمل تقرير صحفي اليوم ونفينا)، أعيدوا قراءة الجملة وتأملوها صياغةً ولغةً وذوقاً وأمانة إلى آخر قائمة الملاحظات التي تدور في الذهن فهل يمكن أن يكون هذا مسئولاً يتحمّل الأمانة، أنا أقول لا يمكن ويؤيّد رأيي مسئول القطاع الأكبر منه الذي أمر بإعفاء وتغيير عدد من المسئولين في المنشأة المعنيّة، وأحدهم كان يمارس النفي قبل ساعات من صدور قرار إعفائه دون مبالاة ويؤكد أن الصور والتقارير التي نُشرت عن المنشأة (منتقاة بطريقة سيئة جداً) وأضاف أن أوجه التقصير والخلل لا تستدعي هذا التهويل الإعلامي، وأشار في بيانه إلى أن هناك خطوات لإيجاد حلول، أيّ حلول والقرار قد صدر بالإعفاء، أالآن؟! وقد كانت الرسائل الصحفية تحذّرك من هذا اليوم وكنت تتهمها بسوء الفهم والتجنّي عليك وعلى أمثالك من المقصّرين في أداء الأمانة، إليكم بقية تصريحه، إذ يقول: (إن المنشأة تخضع لمراقبة الوزارة بشكل دوري وهناك تقارير شبه يومية)، فإما أنه كاذب في طرحه وإما أن الوزارة لم تلق بالاً للتقارر التي يتحدث عنها وفي كلا الحالين أرى أن ثمة تقصيراً من جانب الجهة المختصة في وزارته فيما يتعلّق بالمتابعة ومراقبة حسن الأداء ودرجة الجودة، وفي كلا الحالين أيضاً لا يمكن أن يكون الإعلام هو الذي يهوّل الأمور ولا يمكن أن يكون شمّاعة لتعليق أخطاء كل مقصّر لا يجد مبرراً لإهماله أمام ولاة الأمر وأمام المواطنين، هنا أتذكّر كلاماً ساخراً للوزير والإداري الفذ الدكتور غازي القصيبي عليه شآبيب الرحمة قاله في ثنايا مقال نشرته الشرق الأوسط ذات يوم يلمز مسئولاً في منظمة عربية دولية حينما بان تقصيره للملأ وأخذ يصدر بيانات النفي جملةً وتفصيلاً، يقول ما معناه إنه لكثرة قوله (أنفي) ظهر في وجهه أنوف عدة.
t@alialkhuzaim