|
الزمان: بعد الظهر من يوم الثلاثاء الموافق 5-5-1433هـ.
المكان: مكتب سموه في إمارة منطقة الرياض.
الحدث: زيارة أعضاء مجلس إدارة الجمعية الخيرية لصعوبات التعلم لسموه؛ لاطلاعه على نشاط الجمعية، وعرض الرئاسة الفخرية للجمعية على سموه الكريم.
قابلنا بابتسامته، وهدوئه، وعينه على أحدنا، وهو الدكتور هيثم بوظو، أدناه من مجلسه، وأجلسه قريباً منه ليس بينه وبينه سوى رئيس مجلس إدارة الجمعية الدكتور: عثمان بن عبد العزيز العثمان، توجه إليه، سأله عن حاله، وعن أخيه طلال، ثم ذكر لنا أن الدكتور هيثم وأخاه كانا من زملائه في الدراسة في معهد العاصمة، ثم استكمل حديث الذكريات معه - في سعادة غامرة - في دقيقتين تقريباً.
شيء جميل، وخلق نبيل أن تحفظ الود لأصحابك، وإن تباينت المنازل، وحقًّا «إن حسن العهد من الإيمان» كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والحنين للأصحاب، وإكرامهم، والتلطف معهم، وتقديرهم من المروءة، ولا شك.
والأجمل أن يشعر صاحبك بنبلك، ووفائك؛ فيحسن الظن بك، ويعلم منزلته عندك، وأنك لن تنسى صحبةً، أو تتنكّر لمعرفة، وستبقى لصاحبك ذخراً، ولو بلطف، وابتسامة، وهذا ما أشعرنا به زميلنا الدكتور هيثم، فقد قال لنا أكثر من مرة: الأمير صديقي.
وهذا هو الدرس الأول في النبل، والوفاء، وحسن العهد.
وبعد ذلك بدأ أخونا الدكتور عثمان بالحديث عن الجمعية، ونشاطاتها، وعرض على سموه الرئاسة الفخرية، وكان الأمير منصتاً للحديث، ثم قال بعد ذلك: أنا معكم، وأي أمر ترون فيه فائدة للجمعية فأنا معكم فيه، ولكني أود أن أعرف: هل في أذهانكم أهداف واضحة محددة تسعون لتحقيقها، ثم تحدث عن أهمية التخطيط، وتحديد الأهداف.
قلتُ في نفسيي: وهذا درس ثان يجب أن نحفظه من سموه؛ لأن الذين يعملون كثير، ولكن المنجزين قليل، ولعل عدم تحديد الأهداف، أو عدم وضوحها، أو عدم جدولتها في إطار زمني يجعل الحياة تمضي دون إنجاز. ثم إن ما تعودناه من التفخيم، والشره في المكاسب يجعل كثيراً منا يرسم أهدافاً كبيرةً وعامةً تصلح لأجيال لا لفرد، فيمضي العمر على كثير منا، فلا ظهراً أبقى، ولا أرضاً قطع.
ثم ختم سموه - رحمه الله - حديثة بنصائح، منها الصبر، الذي أكد عليه كثيراً، وعجبتُ لهذا التأكيد، وزال عجبي عندما قال - رحمه الله -: يا إخوان، لا بدّ من الصبر، والذي لا يصبر لا يتحقق له شيء، أنا منذ (؟؟؟) وأظنه قال منذ عشرين سنة وأنا أُطالِبُ بنقل مصنع الإسمنت من موقعه.
وكان حديث الناس في تلك الأيام قرار اللجّنة العليا للبيئة بمدينة الرياض في اجتماعها التاسع المعقود في 25-4-1433هـ، برئاسة سموه الذي أقر: «نقل مصنع الإسمنت في جنوب مدينة الرياض إلى خارج الحيز العمراني للمدينة، واعتماد منح المصنع مهلة تمتد لأربع سنوات، لإتمام عملية الانتقال إلى موقع مناسب لنشاطه».
فالصبر، والتواصي به هو الدرس الثالث في ذلك المجلس الكريم، الذي انتهى بقبول سموه للرئاسة الفخرية للجمعية الخيرية لصعوبات التعلم.
رحم الله سموه، وأسكنه فسيح جناته، ورفع درجته في المهديين، وخلفه في عقبه في الغابرين. والعزاء لنا جميعاً.
- مستشار في وزارة التعليم العالي
dr.aldaghri@gmail.com