التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، وبالذات الصغار منهم ممن ما زالوا في طور التربية والتعليم، يجب أن يحظى منا باهتمام خاص؛ فهم أحوج إلى الرعاية من الآخرين؛ إلا أن هذه الفئة من المجتمع، وتحديداً صغار السن منهم، لا تحظى للأسف الشديد بالرعاية المطلوبة التي تحصل عليها هذه الفئة في البلدان المتطورة والغنية؛ فقد نشرت جريدة «سبق» الإلكترونية خبراً جاء فيه: (استاء عدد من أولياء أمور الطالبات ضعاف السمع بمحافظة جدة، من عدم توفير التعليم حافلات لنقل بناتهم من وإلى مدرستهن (الوحيدة) على مستوى المحافظة الموجودة بحي البغدادية، وتأتي لها الطالبات من جميع الأحياء. وقال أولياء الأمور لـ«سبق» إن إدارة التعليم لم توفر حافلات لنقل بناتهم منذ بداية العام الدراسي الحالي، ما جعلهم عاجزين عن نقلهن لبُعد المدرسة عن مقار سكنهم، ولارتباطهم بأعمال تجعلهم غير قادرين على إيصالهن للمدرسة بشكل يومي، ما تسبب في تخلف بعضهن عن الدراسة في أغلب الأيام السابقة. وطالب أولياء الأمور في الوقت نفسه إدارة التعليم بمحافظة جدة بسرعة توفير حافلات لنقل بناتهم، أسوة بالطلاب الذكور الذين حظوا بنقل من بداية العام).. وجاء في نهاية الخبر: (عبدالمجيد الغامدي المتحدث باسم تعليم جدة، أوضح أن إدارة التعليم حالياً تعمل على تأمين حافلات لنقل الطالبات أسوة بالبنين، بعد أن انسحبت الشركة الخاصة بنقلهن). كلنا أمل أن تفي تعليم جدة بوعدها، سيما وأن هناك انطباعاً تكوّن لدى كثير من المواطنين مؤداه أن كثيراً من الوعود لا تُنفذ، أو يتأخر تنفيذها؛ والسبب يعود (ربما) إلى عوائق بيروقراطية تتعلّق بالأنظمة المالية وطريقة ترسية مثل هذه الخدمات على متعهد آخر في حال انسحاب المتعهد الحالي؛ فيقع المواطنون (ضحية) بين أنظمة مالية متكلسة وخدمات قاصرة.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن هناك قصوراً في تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة في بلادنا، خاصة من قبل التعليم الحكومي.. أطفال (متلازمة داون)، أو ما يُسمون بالأطفال المنغوليين - مثلاً - ما زال الاهتمام بهم من قبل وزارة التربية والتعليم ضعيفاً، لا يتناسب مع دولة في حجم المملكة وثرائها؛ وقد قامت بعض الجهات الأهلية بمحاولة كريمة ومشكورة لسد النقص والقصور في هذا الحقل الإنساني في المملكة. (جمعية صوت متلازمة داون) هي جمعية أهلية تأسست في عام 2010م من قبل فعاليات أهلية سعودية متحضرة، هدفها الارتقاء في التعامل بهذه الفئة من أبنائنا ورعايتها، خاصة من هم في مستقبل العمر من هذه الفئة، إلا أن هذه الجمعية رغم جهود العاملين فيها وتفانيهم في خدمة أطفال متلازمة داون، وضعف الإعانة التي تتلقاها من وزارة الشؤون الاجتماعية، ما زالت أقل بكثير من أن تحيط بكل المحتاجين في كل مدن المملكة.
مديرة التنمية المالية والعلاقات العامة في جمعية «صوت» منال الهبدان تقول: (يوجد في المملكة أكثر من 25 ألف حالة لمتلازمة داون لا يتلقون تعليماً)؛ وهذا الرقم الكبير نسبياً يضع وزارة التربية والتعليم في موضع الاتهام بالقصور، خاصة إذا قارنا تراجع مثل هذه الخدمة في بلادنا بتطور الخدمات المقدمة لأطفال هذه الفئة في الأردن مثلاً، ويزيد الوضع إيلاماً إذا أخذنا في الاعتبار دخل المملكة الضخم مقارنة بدخل الأردن المحدود.
إن هذه الفئات من مجتمعنا هم في أمس الحاجة إلى التربية والتعليم (المتخصص) الذي قد لا تستطيع الأسر، خاصة من ذوي الدخل المحدود، توفيره، نظراً لأن تعليماً كهذا يحتاج إلى تربويين ومعلمين متخصصين، ما يجعل من الواجب أن تضطلع بتقديمها الحكومة وليس فقط التعليم الأهلي. إلى اللقاء