وفود التعزية التي تقاطرت على الرياض لتقديم واجب التعزية للمملكة العربيَّة السعوديَّة قيادة وشعبًا في وفاة المغفور له الأمير سطام بن عبدالعزيز، أظهرت أن المملكة في قلب كل العرب، وأنها على علاقة طيبة مع الجميع، وإن كانت النائبات تقرّب المختلفين فإنّه من الطّبيعي أن يظهر ذلك بين الأشقاء.
ولقد لاحظ المتابعون للوفود العربيَّة التي حضرت للتعزية حضور وفدين عراقيين على مستوى عالٍ، أحدهما رأسه السيد أسامة النجيفي رئيس مجلس النوَّاب العراقي وضمَّ وزير الماليَّة رافع العيساوي ووزير الزراعة عز الدين الدوله وعددًا كبيرًا من النوَّاب وآخر برئاسة الدكتور إبراهيم الجعفري رئيس التحالف الوطني الشيعي والكتل البرلمانية المكوَّنة من التحالف.
زيارة الوفدين العراقيين للرياض وإن كانت لتقديم العزاء، إلا أن المراقبين لم تخفَ عنهم أبعاد هذه الزيارة التي تتوافق مع الإشارات والمواقف التي سبقت هاتين الزيارتين، فقد رصد المراقبون تصريحات وأقوالاً إيجابيَّة صدرت عن رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، الذي حرص أن ينوّه بمواقف القيادة السعوديَّة من مختلف القضايا الإقليميَّة، وكرَّر إشاداته في أحاديث صحفية نشرت في صحيفة الشرق الأوسط، وبعد ذلك في لقاء تلفزيون في محطة «دريم المصريَّة»، كما انعكست مواقف المالكي هذه على أقوال ومواقف حلفائه السياسيين، الذين اكتشفوا بعد وقت طويل أن المملكة العربيَّة السعوديَّة لم يصدر منها شيءٌ يؤذي العراق، بل كانت مساندة وحمت العراق من أيّ تدخلات، ويكفي أن حدودها مع العراق التي تُعدُّ أطول حدود بريَّة مع دولة أخرى لم تخترق ولم يتم فيها أيّ تسلَّل للعناصر الإرهابيَّة، التي عانى منها العراق.
هذا الموقف أكَّده الأستاذ حسن العلوي المفكر العراقي، الذي يعرف السعوديين أكثر من غيره من العراقيين، إِذْ يشهد بأن السعوديَّة لا تميل إلى التدخل في ملفات النزاعات الداخليَّة للدول، ولم تكن يومًا في الصراعات الداخليَّة بين الكتل والطوائف العراقية، والعراقيون يعرفون أكثر من غيرهم أن السعوديَّة الدَّوْلة الوحيدة التي لم تتدخل في الشأن العراقي، بالرغم من أن كل دول الجوار تتدخل في الشأن العراقي، ولها لجانٌ ومختصون يتابعون الملف العراقي مما زاد من مشكلات العراقيين.
مبادرة المالكي وحلفائه حتمًا ستبادل من قبل القيادة السعوديَّة بأكثر، وهو ما سينعكس إيجابيًّا على العلاقات السعوديَّة العراقية، وهو حتمًا سيحسن من أساليب التواصل مع الأطياف العراقية التي تشعر بالحيف والإقصاء نتيجة تسلّط أطراف وقوى تستقوى بدول أخرى تتدخل بالشأن العراقي من أجل تفضيل طيف على آخر.
jaser@al-jazirah.com.sa