أحسن فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بإحدى مناطق المملكة صنعاً حينما تلقى شكوى مديرة مدرسة ضد خطيب جامع هناك، بعد أن وصفها بالاسم بأنها (سفيهة السفيهات)، ومطالبته بفصلها من التعليم خلال خطبة أحد أيام الجمعة؛ بسبب تطبيقها حملة أقرتها وزارة التربية والتعليم، وتهدف إلى رفع مستوى الذوق العام، ومعرفة تفاصيل التعامل مع المواقف السلوكية، وتعكس الصورة الإيجابية للفتاة المسلمة.

والبرنامج يستهدف جميع طالبات التعليم العام، ويُنفذ لمدة أسبوع دراسي واحد من خلال الإذاعة المدرسية وحصص النشاط، ويهتم بفن التعامل والهدايا وإتيكيت الزيارات وآداب المائدة، ويتضمن عروضاً وحوارات وأركاناً ورسومات ومسابقات.

وبعد الشكوى استدعى فرع الوزارة الخطيب، وقام بالتحقيق معه حول التشهير بالمديرة التي أمضت في التعليم ثلاثين عاماً، ووصِفها بعبارات غير لائقة! وبينت نتائج التحقيق اعترافه بالاعتداء اللفظي وتجاوزه الأدب بوجود الشهود، وتم توقيفه عن الخطابة لتخطيه حدود الخطبة، واستغلال موقعه، وتجاهله القنوات الرسمية، وتجاوز الأنظمة من خلال اعتراضه على برنامج أقرته وزارة التربية والتعليم.

والحق أن بعض خطباء المساجد ينتهزون فرصة اجتماع الناس الأسبوعي ويستغلونها للإساءة للغير أو النيل منهم، أو التهجم على شخصيات معينة أو قنوات فضائية أو صحف محلية لا تتفق مع ميولهم أو لديها آراء مختلفة، لتصفية حسابات شخصية، بدلاً من أن تكون الخطبة ذات مردود نفعي على المصلين، وفرصة لتوجيه الناس بأمور دينهم وتوعيتهم بشؤون دنياهم وملامستها همومهم اليومية.

وكان جميلاً بوزارة الشؤون الإسلامية تلقِّي الشكوى وتتبع القضية، والتحقيق فيها، ورفع الظلم عن المديرة، وتوقيف الخطيب المعتدي وفصله في الوقت الذي طالب هو بفصلها، بما يشير إلى أننا نسير بطمأنينة نحو طريق رد الحقوق لأصحابها ونصرة المظلوم، وعدم التعالي على النظام والقانون أياً كان مركز الشخص ومكانته ونفوذه.

وتحية للمديرة الشجاعة التي تقدمت بشكواها ثقة بنفسها وإيماناً بنزاهة القنوات الرسمية التي يتبع لها الخصم، وعدم ترددها أو خوفها من تبعات رفع القضية اجتماعياً أو نفسياً، وهو ما يجعل المرء يطمئن على جيل قادم من الفتيات ترعاه وتقوده هذه المربية في مدرستها.

ولعلها تكون خطوة في الطريق الصحيح لتطالب المرأة برد اعتبارها ورفض اعتداء الرجل عليها أياً كانت مكانته، حتى ولو كان خطيب جامع لامعاً بثناء الناس عليه، ودعائهم له، وتدافعهم على الاستماع لخطبته، والصلاة خلفه!!