إنّ التطوّرات التي تجري في (مصر) الشقيقة الكبرى للعرب جميعا هي إفرازات الإسلامويين الذين يرجعون في تقديسهم للقتل وسفك الدماء إلى سنوات عجاف شهدت ضمن ما شهدت إعدام المفكر (سيّد قطب) الذي حين سافر للدراسة في إمريكا قرأ (أبا الأعلى المودودي) وهو مفكر إسلاموي هندي ألّف كتابا يدعى (نظام الحكم في الإسلام) -وهو مترجم للعربية-
ويدعو هذا الكتاب إلى الجهاد ضد أنظمة الحكم في العالم من أجل إقامة دولة خلافة الله في الأرض! وحين تقرأ سيد قطب في كتابه الشهير و(الخطير) -معالم في الطريق- تجده معجبا جدا بفكرة دولة الخلافة التي ينبغي أن تقوم على أشلاء كل الأحزاب والنظريات السياسية والفكر الخلاّق باعتبار كل (هؤلاء) كفارا يجب قتالهم فإما أن يؤمنوا بنظرية ما سُمّى فيما بعد بـ (حركة الإخوان المسلمين) وهي حركة لا يمانع مرشدها العام وهو (المرجعية الأعلى) لرئيس الجمهورية الذي يقوم بتجييش الرأي العام ضد (معارضيه) ويتهمهم بمحاولة جرّ البلاد للفوضى! متناسيا أنه مرتبط مع العدوّ المركزي للعرب والمسلمين وهو الكيان الصهيوني بمعاهدة (تسوية) اضطر الدكتور(!) محمد مرسي لتوضيحها للشيخة هيلاري كلينتون وزير الخارجية الأمريكية التي زارت القاهرة بعد ثورة 25 يناير عدة مرات (للحصول من الرئيس على تطمينات بشأن الأمن في إسرائيل) حتى صرّح فخامته بتمسك مصر بكل بنود معاهدة كمب ديفيد التي نتجت عن مغامرة سياسية قام بها رئيس مندفع ومتكلم أكثر مما هو فاعل وهو (أنور السادات) الذي وقف خطيبا بالكنيست (البرلمان) الصهيوني يعرض حقن الدم ويستعيد سيناء بدون حرب ويقوم بتطبيع العلاقات المصرية الصهيونية ويشجع المصريين على التعامل مع (إسرائيل) كأمر واقع وكدولة (صديقة)! الأمر الذي رفضه المصريون الأحرار وثاروا ضدّه وقال عنه الشاعر المصري الكبير الراحل -أمل دنقل-
(لا تصالحْ ولو: منحوك الذهبْ!
هل تَرى؟
أتُرى حين أنزع عينيك وأثبّت جوهرتين مكانهما؟
هي: أشياء لا تشترى!
لا تصالحْ فما الصلح إلا معاهدة بين ندّين في شرف القلب لا تنتقص!
والذي اغتالني محض لصّ!
سرق الأرض من بين عينيّ
والصمت يطلق ضحكته الساخرة!)
وهذه ترقى إلى مستوى (الوثيقة) التي وقّعها الشعب المصري وقام بعدها الشهيد العسكري -سليمان خاطر- الذي كان في نوبة حراسة للسياح الإسرائيليين في العريش وتعرض لإهانة لفظية فأطلق رشاشه على مجموعة تضم واحداً وعشرين صهيونياً وسلّم نفسه للسلطات ثم قيل إنه وُجَد منتحرا في زنزانته وهو الأمر الذي يتنافى مع طالب استشهاد وطني وقومي!! ومحاولة خبيثة للانتقاص من بطولة المصري ورد فعله ضد العنف وضدّ خرْق القيم الإنسانية!
إن على حركة الإخوان المسلمين أن تتخلص من عار الصلح مع إسرائيل بأية طريقة ولو كانت ستؤدي إلى حرب مع حلفاء الكيان الصهيوني الذي يعتبر العدوّ الأول للوطن العربي بطريقة لا تقبل النقاش سوى ما يقوم به بعض المفكرين التبريريين والذرائعيين من الخونة والمتعولمين! كما أنه على الرئاسة المصرية ألا تتدخل في الشؤون الداخلية لأيّ بلدٍ مستقل وذي سيادة.
لكنني حينما أتذكر السيد (إسماعيل هنية) رئيس الوزراء المُقال وهو يخطب متودداً للمصريين حين قال إن محمد مرسي يذكّره بسيدنا (يوسف) عليه السلام قائلا هو مثله خرج من سجون مصر ثم هيّأ الله له مُلْكَها!!!
فبأي حديث بعده يؤمنون؟!
alhomaidjarallah@gmail.comحائل
