ليست المرة الأولى التي أحاور فيها الرياض؛ القلب الذي تحرك نبضاته حيوية عضلات الوطن الممتد؛ على مدى سنوات طويلة تكررت زيارتي لها بدعوات من مؤسسات متعددة. قدمت في جامعاتها وجمعياتها محاضرات تربوية وتنموية ما زال محتواها مرجعا في أطروحات الدارسين والمبتعثين والباحثين, وشاركت في بحوث مؤتمرات متخصصة وتقديم دورات تدريبية تطوعاً في الجمعيات النسائية النشطة, وحضرت مناسبات سعيدة عائلية ووطنية.
وقد دعمت هذه المشاركات الفردية رغبتي في القيام بمسؤوليتي كمثقفة في التواصل مع المجتمع، وعوضت حنيني للجو الأكاديمي في مؤسسة تعليمية أو بحثية, رغم أن عملي مستشارة للتخطيط في شركة أرامكو تضمن إجراء بحوث إحصائية تحليلية، ومتابعة التغيرات في توجهات المجتمع ومتطلباته ووجهة القرارات العامة.
أتذكر بفخر أن أول محاضرة عامة قدمتها كانت بعنوان: «دور المرأة السعودية في التنمية» وتضمنت مقترحات لتمكين المرأة من المشاركة في البناء بمباركة المجتمع العام، كانت بدعوة من جامعة الملك فيصل في الدمام حضرتها مئات السيدات والطالبات الجامعيات والمهتمات. ثم طلبت جامعة الملك سعود -جامعة الرياض وقتها- أن أقدم نفس المحاضرة في الرياض؛ وفعلت في حضور نسائي حاشد. استأذنتني المعيدة فوزية البكر -وهي الآن دكتورة بنفس الجامعة- في تقديم النص للأستاذ خالد المالك رئيس تحرير جريدة الجزيرة.. واحتفت بها الجريدة ونشرتها بنصها الكامل على صفحتين.
بعدها بأسبوعين أو ثلاثة تلقت الإدارة العليا في شركة أرامكو حيث أعمل في إدارة التخطيط العام رسالة رسمية من وزارة التخطيط تطلب نسخا من المحاضرة ليعود إليها محللوها كمقترحات في الخطة الخمسية التالية. وفعلا أرسلت لهم أرامكو عشرين نسخة أو أكثر.
هكذا تعرفت منذ البدء على جدية الرياض في كونها القلب النابض والعقل المهتم بمستقبل الوطن.
ومع الزمن اعتدت أصداء الرياض قلبا نابضا بمبادرات البحث عن كل مصدر مؤهل للاستعانة بقدراته في توجه التنمية الشاملة والمستدامة, يبطئ تحققها ترصد المتوجسين لأي محاولة للتغيير والتطوير.