تشرف بأداء القسم أمام خادم الحرمين الشريفين الأميران الجليلان خالد بن بندر بن عبد العزيز (أميراً لمنطقة الرياض) وتركي بن عبد الله بن عبد العزيز (نائباً). وهذه هي المرة الأولى في تاريخ مدينة الرياض ومنطقتها الواسعة الأرجاء تصدر إرادة ملكية بتعيين أميرين عليها في تاريخ واحد ليكملا مسيرة من سبقهما من الأمراء الذين تعاقبوا علي إدارتها منذ إعادة توحيد هذا الكيان الكبير على يد الوالد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود (رحمه الله)، ونذكر بالتقدير الأمراء الذين تعاقبوا على إدارة شؤون عاصمة بلادنا الحبيبة وهم الشيخ محمد بن سعد بن زيد، والأمراء الكرام: ناصر بن عبدالعزيز، سلطان بن عبدالعزيز، نايف بن عبدالعزيز، سلمان بن عبدالعزيز (الأولى)، فواز بن عبدالعزيز، بدر بن سعود بن عبدالعزيز، سلمان بن عبدالعزيز (الثانية)، سطام بن عبد العزيز. إنها فترة زمنية ليست بالقصيرة من تاريخ الرياض المدينة والمنطقة الممتد في جذوره إلى مسافة بعيدة التاريخ والحضارة، مرحلة مُدّة تقارب الأربعة والثمانين عاماً من أول أمير للرياض سنة (1348هـ/ 1955م) وحتى رحيل الأمير سطام بن عبد العزيز - يرحمه الله- (2-4-1434هـ/ 12-2-2013م). وخلال هذه الفترة الزمنية شهدت الرياض مراحل عديدة في نهضتها التنموية ولن ننسى ما قدمه الابن البار لهذه المدينة والمنطقة بأكملها الأمير سلمان بن عبد العزيز حتى غدت من كبريات العواصم وقلباً نابضاً بالحركة التجارية والتعليمية والثقافية بالإضافة إلى ثقلها السياسي ليس فقط على الصعيد الإقليمي والعربي والإسلامي فحسب، بل على المستوى الدولي.
إن أمام الأميرين (خالد) و(تركي) مهمة كبيرة لمتابعة المسيرة وهي مرحلة تحتاج إلى الحزم والعزم ولا ينقصهما ذلك فهما خاضا الانضباط العسكري ويعرفان أن الوقت من ذهب في ظل ما تشهده الرياض العاصمة والمنطقة من تحولات تنموية وتطويرية كبيرة، لكنها في الوقت نفسه نلمس آثاراً ومعوقات سلبية على حياة المواطنين والمقيمين والزائرين على حد سواء. وآمل أن يسمح لي سموهما الكريمان بأن أشارك من سبقني من الكتبة وأصحاب الأفكار النيرة في إيضاح عدد من المسائل والتي أخال أن سموهما على إحاطة تامة بها وأطرحها في الآتي:
1- الاختناق المروي الذي لا يطاق البتة الذي يتسبب في تعطيل المصالح لكل الأطياف في هذه المدينة المترامية الأطراف والمكتظة سكانياً. والمشكلة أيها الأميران الجليلان ليس في ضيق الشوارع والطرقات ولكن في سوء الإدارة المرورية من ناحية ونقص الوعي وانعدامه الأمر الذي أدى إفرازات ومظاهر غير أخلاقية لا تحتمل.
2- الرياض موعودة بمشروع رائد للنقل العام في الرياض وغيره من المشاريع الكبرى، بَشّر به خادم الحرمين وأقرّه -يحفظه الله- وتحدّثت عنه وسائل الإعلام، ولا نعلم متى سيبدأ، وإذا شُرِع في تنفيذه فلا نعلم كيف سيتم التعامل مع الاختناقات المرورية التي ستحدث، علماً بأن خادم الحرمين وجه بتنفيذ هذا المشروع في مرحلة واحدة محددة مع الأخذ الحيطة والرفق بالمواطنين والمقيمين.
3- تمنياتنا على الأميرين (خالد وتركي) أن يعملا على توحيد تكاسي الرياض في شركة واحدة أو في مجموعة شركات لتعمل في كافة أرجاء المدينة ويكون لها مظهر حضاري جديد وفق ضوابط تخدم المواطن أينما كان، وكم سيكون الأثر أبعد إذا ما تم تقديم خدمة راقية بالحافلات بين أحياء الرياض والمجمعات التعليمية الكبرى -جامعات وكليات- بالإضافة إلى مراكز التسوق التي يقصدها الناس من داخل الرياض وخارجها. وأماكن الجذب التسويقي في أرجاء المدينة.
4- تمنياتنا أن نرى عودة الحياة إلى الرياض القديمة وتنظيفها من العشوائيات وما طالها من تشويه وتوظيف أساء إليها كما هو إساءة لتاريخ الرياض عبر مسيرتها التنموية.
5- تمنياتنا أن نرى الرياض مدينة الآداب والانضباط وبمظهرها العام وحسن سلوك أبنائها الحضاري، ومنه احترام النظام والمحافظة على النظافة، وغير ذلك مما يعطي الرياض مكانتها وريادتها ومثالاً يحتذى لبقية المناطق بصفتها عاصمة للوطن ومركزاً للحكم والإدارة.
6- تمنياتنا أن نرى هوية للرياض تسير متواكبة مع خططها التنموية، هوية تشتمل على كل مظاهر الحياة الاجتماعية والثقافية والتجارية والنسيج العمراني والقضاء على التشوه البصري الذي أصاب أنحاء المدينة وامتد إلى كافة أرجاء المحافظات والمدن، وأن نرى حدائق ذات بهجة وقد امتدت في كل مكان من أجزاء المدينة ومحيطها ولتكون الرياض اسماً على مسمى.
7- تمنياتنا أن تنام الرياض في هدوء وتصحو في هدوء، وأن نرى متاجرها وأسواقها وقد فتحت أبوابها مع بواكير الصباح وتقدم خدماتها على أسس سليمة من الأداء والتعامل الراقي الذي حث عليه ديننا الحنيف.
8- تمنياتنا أن تكون الرياض مدينة آسرة للزائر والسائح وهي الموعودة بالمحافظة على موروثها الثقافي وتطوير تراثها العمراني ونمو متاحفها العامة والخاصة وما تنتظره من صالات وقاعات للفنون والتراث والنشاط الثقافي والمسرحي وغيره مما يساعد في التعريف بتاريخ الوطن وتراثه العريق.
9- تمنياتنا أن نرى شوارع الرياض وطرقاتها وقد اختفت منها الحفر والخنادق والمرتفعات، والاعتداء على حرمات الطرق من حركة التعمير والبناء الذي تم بدون نظام أو تنظيم ولم تعط الطرق حقها كما أكدته شريعتنا السمحاء.
10- تمنياتنا أن نرى مطار الرياض الدولي وقد أصبح دولياً بحق ووفق ما تعنيه الكلمة، وفي الوقت الذي ننتظر التطوير الذي سيشهده المطار بكامل مرافقه حسب الخطة المرسومة، فهو يواجه الآن اختناقات بدأت في أوقات الذروة خاصة بسبب المشاريع العملاقة التي تمت على شريان الطرق من الناحية الجنوبية والغربية والشرقية ومنها جامعة الأميرة نورة وجامعة الإمام ومركز الملك عبد الله المالي وغيرها من المشاريع والمراكز، وكل هذه تحتاج إلى علاج يتماشى مع ما سيشهده المطار من تطوير.
أيها الأميران الجليلان تمنياتنا كثيرة بأن تكون الرياض درة المدن ساحرة لعشاقها آسرة لكل زائريها من داخل الوطن وخارجه. وأعلم أن لديكما أمنيات أبعد مما أقول وأعمق مما هو في ذهن شريحة كبيرة من أبناء الوطن بعامة. وأعلم أيها الأميران أنكما ستخصصان جل وقتكما للاطلاع على الخطط المرسومة للرياض ومناطقها وما يتطلع إليه أبناء منطقة الرياض من التواصل معكما وما ستقومان به من زيارات تفقدية والالتقاء بأبناء المنطقة مع ما سيتبع ذلك من أمور بروتوكولية تقتضيها طبيعة المكان، لكني آمل ألاّ يقع سموكما الكريمان تحت رحمة الروتين وعشرات الملفات والشكاوى والطلبات مما يعيق تركيزكما - لا سمح الله- في وقوفكما على كل صغيرة وكبيرة في الرياض والمنطقة بكاملها بعيداً عن أعين المتطفلين. سيحمد لكما كل مواطن إذا ما شعر أن أحدكما وقف خفية على مشروع تحت الإنشاء أو على مشروع متعطل أو على أوضاع اجتماعية غائبة عن أعين المسئولين وسيكون الناس أكثر سعادة عندما تلتقيان مع أبناء منطقة الرياض بما يعود عليهم بالخير والبركة.
وأعلم أيها الأميران الجليلان أن الحزم والعزم هو ديدنكما، وأعلم أن لديكما بشائر كثيرة لمنطقة الرياض وخطة موزونة للنهوض بالرياض العاصمة والمنطقة لتكملة ما بدأه قبلكما من أمراء ونواب، معتمدين في عملكما على التوفيق والسداد من الله سبحانه وتعالى أولاً ثم بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين ابن الرياض البار الأمير سلمان بن عبد العزيز وكافة المسئولين وأبناء المنطقة من رجال ونساء.
وفقكما لكل خير،،،
alrashidsaad348@gml.com