** من المشاهد العجيبة أن ترى برجاً تجارياً يتكون من عشرات الطوابق قد أنجز في وقت قياسي، بينما مدرسة أو مركز صحي من طابقين يتعثر لسنوات، بل إن حديقة صغيرة بالقرب من منزلي تعثر إتمامها منذ سنوات، فيما قريب منها انطلق البناء بأحد مقرات البنوك منذ أشهر وشارف على الانتهاء، بينما بقيت الحديقة الصغيرة في مشنقة التعثر منذ نحو ثلاث سنوات وحتى اليوم، فلكم أن تقارنوا بين مشروع مبنى بنك وحديقة صغيرة!! طبعاً الفرق شاسع من حيث المتطلبات وأدوات الإنجاز، لكن الفرق ببساطة أن الحديقة مشروع حكومي غالباً يتعثر بأبسط الأشياء ولا ينهض من عثرته إلا بعد سنوات إن كتب له النهوض، بينما البنك مشروع قطاع الخاص مما يعني المتابعة المستمرة وقيمة الوقت محسوبة بدقة، أيضاً العقلية هنا تختلف من حيث الإدارة وكذلك المحاسبة على التقصير والمكافأة على الإنجاز.
** رغم رصد المليارات إلا أن قوائم التعثر في بورصة المشاريع الحكومية في تزايد، وتشير بعض الإحصائيات إلى أن نسبة المشاريع المتعثرة بلغت 70 بالمائة بتكلفة تريليون ريال تقريباً، وأجزم أن النسبة الأكبر من أسباب التعثر هي من الجهة صاحبة المشروع، إما لقلة الرقابة، أو تأخير الإشراف والاعتماد ومن ثم تأخر في صرف المستحقات، وأيضاً عدم محاسبة المقصرين.
** وأضح أن لدى بعض الأجهزة التنفيذية في الجهات الخدمية غير قادرة على إدارة الطفرة الحالية، خصوصاً في إنجاز المشاريع، فلماذا لا تدار المشاريع الحكومية بعقلية القطاع الخاص وبمنهجية تضمن الجودة والسرعة بدلاً من البيروقراطية الحكومية المعيقة التي رغم إجراءاتها الطويلة إلا أن في دهاليزها مكامن كثيرة قد تكون بيئة خصبة للفساد، والذي بدوره يدمر كل منجز ويعيق كل عمل.
** وللأسف أمام هذا الهدر والتعثر، ليس هناك أي بوادر للمعالجة، رغم أن الأسباب معروفة والحلول متوفرة وعقدت لها الكثير من الورش والمنتديات والمؤتمرات وبمشاركة حكومية على مستوى الوزراء، إلا أن الحلول تبقى مغيبة رغم أنها لا تحتاج إلا لإرداة صادقة وقرار جريء بتغيير هيكلة الإجراءات القائمة حالياً واستبدالها بإجراءات تساعد على الإنجاز، وأيضاً تمنح مزيداً من الشفافية بعيداً عن الضبابية التي تتلبد في سماء المشاريع المتعثرة.
alonezihameed@@alonezihameed تويتر