توفي الأمير سطام بن عبد العزيز - رحمه الله - وهاجسه إنجاز مشروع النقل العام في مدينة الرياض. كان إنجاز هذا المشروع سيصبح علامة مميزة وإنجازا تاريخيا لإدارته، لكن القدر عاجله وهو يحلم بإنجازه. ويكفيه أنه كان يفكر ويتحدث عن المشروع ويدعمه ويدفع به إلى الأمام. سمعت من أشخاص عديدين ممن يعرفون الأمير الراحل عن قرب أنه كان شديد الاهتمام والمتابعة للمشروع في خطواته التخطيطية.

وقد انتقلتْ دفة الإدارة الآن إلى الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز، وأمامه ملفات كثيرة للتطوير واستكمال تنفيذ المشروعات التنموية الكبرى التي بدأها ورعاها الأميران سلمان وسطام، وهي مشروعات جذرية نقلت مدينة الرياض إلى مصاف العواصم الكبرى في العالم.

ستمضي الأيام مسرعة، وسيجد أمير الرياض أن زحمة العمل اليومي لا تنتهي ولا ترحم. فالإمارة، في جوانب كثيرة من عملها، هي إدارة خدمية يراجعها المواطنون الذين يحملون همومهم اليومية الحياتية ويطلبون بإلحاح حلولاً لمشكلاتهم.

إن التحدي الذي يواجه المسؤول الذي يقف على هرم أي إدارة خدمية هو تفادي الوقوع في مصيدة المعاملات اليومية الملحة التي قد تلتهم جُلَّ وقته فلا يبقى لديه ما يكفي من الوقت للجوانب الاستراتيجية والتطويرية، ثم يُفاجأ بأن الأيام تتوالى وقضايا الناس اليومية تفرض نفسها فرضاً ولا تنتهي حتى لو منحها كل وقته.

وهنا نتذكر النظرية الإدارية الخارقة التي صنع منها «ستيفن كوفي» جدوله الشهير ذا الخانات الأربع عن: المهام العاجلة المهمة، والمهام العاجلة غير المهمة، والمهام المهمة غير العاجلة، والمهام العاجلة غير المهمة.

أعتقد أن أفضل ما يمكن أن يقدمه أي مستشار محنك لأمير الرياض الجديد هو أن يقترح الجدولة المناسبة لمشروع النقل العام لمدينة الرياض في خريطة إدارة الوقت بين «اليومي المُلِح» و»الاستراتيجي المهم». فاليومي الملح يفرض نفسه بينما الاستراتيجي على الرغم من أهميته يغري بالتأجيل إلى أوقات قادمة قد لا تأتي أبداً!

إن إنجاز مشروع النقل العام سيكون هو المشروع التاريخي الكبير لأمير الرياض. فالمدينة العملاقة ما عادت تحتمل أي تأجيل أو تأخير.

إنها تختنق بالزحمة القاتلة، وما من خلاص سوى النقل العام.

طموحات الناس وآمالهم كبيرة يا سمو الأمير.

والنقل العام هو المشروع الكبير الذي وضعته الأقدار أمام إدارتك في أيامها الأولى.

هو «فرصة» و»تحدٍّ» في الوقت ذاته لتحقيق إنجاز سيُكتب في تاريخ المدينة، فَدَعْه يُكتَب بقلمك.