تحت رعاية معالي وزير الصحة تقام ندوة هندسية تتعلّق بالمنشآت الصحية، وأجدها فرصة لطرح بعض الملاحظات في هذا الموضوع. بالطبع ليس كمهندس، وإنما كمستخدم وناقد يملك رؤيته في هذا الشأن، وكنت أتمنى أستعرض صوراً فوتوغرافية لما سأطرحه هنا. بالطبع لا أتوقّع استضافتي لمؤتمر خاص بالمهندسين، لكن أقترح على القائمين على المؤتمر استضافة بعض أفراد المجتمع والممارسين الصحيين، ليدلوا بوجهة نظرهم كعملاء ومستخدمين للمؤسسات الصحية. أولى الملاحظات على العديد من منشآتنا الصحية، هي عدم مراعاة بعضها الخصوصية الاجتماعية المحلية، مثل موضوع الفصل بين الجنسين في أقسام المستشفى وعياداته وغرفه. وبعد أن ينتهي البناء تأتي الاجتهادات لوضع سواتر وحواجز داخل الأقسام التي يفصل فيها الجنسان. مهما قيل إنّ العمل مختلط في المؤسسات الصحية، يظل هناك ثقافة اجتماعية يفرضها النظام وتفرضها العادات ويفرضها العاملون أنفسهم بتلك المؤسسات، لكنها أحياناً لا تؤخذ في الاعتبار عند التصميم والتخطيط...
الملاحظة الثانية تتعلّق بالأمان والسلامة، وهذه نلحظها بالذات في بعض المراكز الصحية، حيث نجد الأسوار الحديدة حول النوافذ وغياب مخارج الطوارئ الكافية وغير ذلك. نلحظ ذلك في مبانٍ للتّو انتهت أو لا زالت في طور الإنشاء.
الملاحظة الثالثة تتعلّق بكثرة التعديلات على المبنى حتى قبل اكتماله وتسليمه، كدليل سوء تخطيط الحاجة الفعلية لحجم المنشأة الصحية. أستطيع القول بأنّ 90% أو أكثر من مستشفياتنا طالتها التوسعات والإضافات خلال السنوات الأخيرة. وفي كل إضافة يحدث تشويه لجماليات المبنى ويحدث اختناقات كبيرة أثناء التوسعة وبعدها. بعض المستشفيات صدر قرار توسعتها وإضافة أبراج إليها قبل اكتمال بنائها الأساسي، وبسبب ذلك تأجل تسليمها. الإشكالية هي أنّ بعض التوسعات والإضافات تحدث بشكل سطحي يخل بتوازن أقسام المستشفى. مثل زيادة الأسرّة عن طريق برج طبي دون مراعاة زيادة أقسام المختبر والأشعة والتأهيل والتعقيم والمواقف وغيرها. أو زيادة قسم الطوارئ دون زيادة الغرف القادرة على استقبال المرضى.
الـمـلاحـظـة الرابعة تتعلّق بجماليات المباني الصحية و(اللاند سكيب) المحيط بها. للأسف حتى بعض المستشفيات القديمة التي أُسِّست وفق معايير جمالية معيّنه، يتم تشويهها بالمباني العشوائية الإضافية، وبالتعديلات التي تشوِّه جماليات المكان الداخلية والخارجية، بل وتشوِّه المنظر العام للبيئة.
الملاحظة الرابعة تتمثّل في غياب معايير سهولة الوصول والتنقُّل للمرضى وأصحاب الإعاقات، فتجد الدَّرج بمداخل المباني وتجد الممرات والمصاعد والكاونترات ودورات المياه وغيرها غير مهيّأة، بالذات للمرضى كبار السن وأصحاب الإعاقات ومَنْ في حكمهم. نجد ذلك حتى في أحدث مشاريعنا الصحية من مستشفيات ومراكز رعاية أولية. بالمناسبة مراكز الرعاية الأولية لدينا تصميمها بدائي ومتواضع جداً، وبودي أن أنصح مسؤولي الصحة بزيارة أحد مراكز الرعاية الأولية في الدول المجاورة فربما تعلّمنا منهم.
الملاحظة الخامسة تتمثل في هذه الأسوار التي نضعها حول المستشفيات والمراكز الصحية. لا أفهم لماذا السور والشّبك والبوابة والحارس حول المؤسسات الصحية، وكأنها ثكنات عسكرية أو أملاك خاصة. لا أفهم معنى وجود سور حول مركز صحي وسط الحي يفترض أن يكون جزءاً من بيئته المحيطة ومجتمعه. هل هو تأكيد على عزلة المنشأة الصحية عن مجتمعها؟
الملاحظة السادسة تتعلّق بضعف الإبداع في التصميم الأساسي والإضافات. كلٌ يقلِّد الآخر بدليل ظاهرة التقليد في إنشاء الأبراج الطبية والمباني الزجاجية وغيرها.
الملاحظة الأخيرة وقد سبق أن كتبت فيها بتوسُّع، حول الحجم المثالي للمنشأة الصحية. ضخامة الحجم ليست دليل تميز، ويجب تناسب حجم المنشأة مع أهدافها وسهولة إدارتها واستخدامها...
malkhazim@hotmail.comلمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm