قبل سنوات عدة شرفني المقام السامي بتعييني عضواً في مجلس إدارة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وكان يرأس المجلس معالي وزير العمل آنذاك الدكتور غازي بن عبد الرحمن القصيبي - يرحمه الله - وفي الاجتماع الأول للمجلس كان جميع أعضائه ينتظرون بدء الاجتماع في تمام الساعة العاشرة صباحاً في مكتب معالي الوزير (الدكتور غازي)، كما كان من ضمن الحضور عددٌ من موظفي التأمينات الاجتماعية، وعند العاشرة فتح باب مكتب الوزير المجاور لغرفة الاجتماعات وإذا بالدكتور غازي يدخل الغرفة بابتسامة جميلة، وكان الجميع ينتظره وقوفاً، وإذا به يبدأ من اليمين بالسلام على جميع الوقوف من الحاضرين بالقاعة دون أن ينتظر في مكانه أمام كرسي الرئاسة للمجلس ويأتي الأعضاء والموظفون للسلام عليه، بل هو من ذهب إليهم واحداً واحداً. هذه الخطوة من بداية الاجتماع الأول أدخلت في قلبي السرور كما هو الحال بالنسبة للأعضاء الآخرين. معالي الوزير يأتي ويصافح كل فرد، ولا ينتظر أن يأتي الجميع لمصافحته (في الحقيقة هذا هو الطبيعي)، ولكن ليس في زمننا هذا للأسف. بعدها بدأت الجلسة، وكانت من أرقى جلسات مجالس الإدارة التي حضرتها. رحمك الله يا دكتور غازي.

وبالأمس كنت أحد مراجعي أمانة مدينة الرياض، وبالتحديد أراجع مكتب معالي الأمين المهندس عبد الله المقبل. لدى المهندس عبد الله جلسة للمراجعين كل سبت، اثنين وأربعاء، من الساعة العاشرة صباحاً إلى الثانية عشرة ظهراً، وفي مكتب معاليه كان هناك عدد من المراجعين لا بأس به، ومن مكتب صغير مجاور للمكتب الرئيسي لمعالي المهندس خرج علينا معاليه بابتسامة لا تقل عن تلك الابتسامة التي رأيتها من الدكتور غازي - يرحمه الله - ورغم أن الحضور ليس أعضاء مجلس إدارة أو زوار أو مسؤولين، بل (مراجعين)، إلا أن معالي المهندس بدأ من اليمين يصافح كل الحضور من المراجعين حتى انتهى من مصافحة الجميع وبعبارة ترحيبية جميلة، بعدها اتجه إلى مكتبه، ولم يجلس على المكتب بل بدأ بقراءة أوراق المراجعين والتوصية عليها، وحيث إنني كنت من أواخر المراجعين استمعت لما يدور من مناقشة بين معاليه والمراجعين، وكل مراجع يذهب مسروراً وهو يدعو لمعاليه بالتوفيق، وهذا يعبِّر عن رضا المراجعين من رد فعل معاليه وتجاوبه وحُسن تعامله مع من أمامه.

وهذا ما لفت نظري من مراجعة مكتب معالي أمين مدينة الرياض ومن حسن ودماثة أخلاق معاليه، وقلّ أن تجد هذه الأيام هذا التعاون والتواضع وحسن التدبير من المسؤولين الكبار وحتى الصغار في هذا الزمان.

ليت الكل من المسؤولين يسلكون هذا الأسلوب في المعاملة لمن يأتي مكاتبهم، والجميع يعلم أن هذا من تعاليم ديننا الحنيف، كما أن سيدي خادم الحرمين الشريفين - أطال الله في عمره وأمده بلباس الصحة والعافية - دوماً يوجِّه المسؤولين بخدمة الشعب وحسن التعامل معهم ومساعدتهم في حل مشاكلهم.. والله المستعان.