عبر كتابه (الغزو الثقافي.. قال د. غازي القصيبي رحمه الله إن أخطر ما في الغزو الثقافي المعاصر أنه أصبح ذا دفع ذاتي تلقائي يتم دون أي مجهود من الجهات الغازية ويتم دون أن يدرك ضحية الغزو أنه معرض لأي خطر فيقبل في حماسة بلهاء لا على قبول الغزو فحسب بل على اعتناقه واحتضانه.

هنا مكمن الخطر الأكبر:

كيف يمكن أن تهاجم عدواً لا تشعر بوجوده؟ أو كما قال شاعرنا القديم:

كيف احتراسي من عدوي إذا

كان عدوي بين أضلاعي؟!

الغزو الثقافي يتخذ شكل برنامج تلفزيوني تصدره هوليود اليوم فيصبح جنون العالم كله بعد أيام.. ويتخذ شكل نظرية يكتبها فيلسوف فرنسي فتصح بعد اأسابيع هوس المثقفين العرب.. ويتخذ شكل مسرحية تعرض في برودوي بنيويورك مساء السبت فتسمع أصداءها مساء الأحد في القاهرة وهونج كونج وجاكرتا.

يتخذ باختصار شكل الرغبة الجارفة المشتعلة في تقليد الحضارة السائدة في لغتها وملابسها وعاداتها.

ومن هنا كان التحدي الأكبر الذي يواجه المجتمع المعرض للغزو الثقافي أن يبدأ انبعاثاً شاملاً يهز المجتمع من أقصاه إلى أقصاه ويشمل ضمن ما يشمل الاقتصاد والاجتماع والسياسة والفكر.

بدون هذه الصحوة الكبرى أو المد التنموي الشامل يصبح الحديث عن مقاومة الغزو الثقافي هزلاً أو كالهزل.